كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 27 """"""
واستولى على المدينة . واشترط عليه مقدموها شروطاً ، وكانوا جبابرة ، فقبل الشروط . ثم أبادهم - قتلا وتغريقاً - وبدد شملهم .
ومن عجيب ما اتفق أن الملك العادل ، سيف الدين ، كان له عدة أولاد ، ليس فيهم أقبح صورة من الملك الأوحد هذا ، فإنه كان قصيراً ألثغ زري المنظر .
فخرج مع والده وإخوته إلى الصيد . فأرسل والده بازياً على طائر ، فسقط البازي على رأس الأوحد ، فضحك السلطان والده ، وقال : قد صاد بازينا اليوم بومة فانكسر خاطر الأوحد لذلك ، وتألم وأسرها في نفسه . فلما قدر الله تعالى له بفتح خلاط ، وخطب له بشاه أرمن على قاعدة ملوك خلاط ، كتب إلى أبيه الملك العادل ، يبشره بالفتح ، ويقول له : إن البومة - التي صادها بازي مولانا السلطان في اليوم الفلاني - قد اصطادت مدينة خلاط ، وصارت شاه أرمن وكان بين الواقعتين عشر سنين .
وفي هذه السنة ، في شهر رجب ، وضعت الساعات بالمئذنة الشمالية بجامع دمشق . وفيها حصل الشروع في عمارة البرج الذي يقابل المدرسة القيمازية من قلعة دمشق . وفيها حدثت زلازل ورياح شديدة ببلاد خلاط ، وخسف بمكان الملك الأوحد بن الملك العادل قد نزل به ثم رحل عنه ، قبل الخسف بليلة .
وفيها كانت وفاة الأمير داود ، بن الخليفة العاضد لدين الله ، في محبسه بقلعة الجبل . وكان دعاة الإسماعيلية يقولون إن العاضد نص عليه بالإمامة ، وأنه صاحب الأمر بعده . وكان عظيماً عند العامة . فلما توفي انقطعت دعوة الإسماعيلية وزال أمرهم . وأشهر العادل وفاته ، فعظم موته على من هو يتوالي فيهم . فاستأذن الناس الملك

الصفحة 27