كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 271 """"""
المصرية . والتقيا على منزلة الكراع ، بالقرب من الخشبي .
واقتتل العسكران ، في يوم الخميس ، العاشر من ذي القعدة من السنة .
فكانت الهزيمة على العسكر المصري . ووصلت طائفة من العسكر المصري إلى القاهرة . ومنهم من فر إلى جهة الصعيد . وثبت الملك المعز ، واختار من عسكره ثلاثمائة فارس ، وحمل بهم على صناجق الملك الناصر ، طمعاً أن يكون بجهتها فيظفر به . وكان الملك الناصر تحيز إلى فئة ، واعتزل المعركة خوفاً على نفسه ، واحتياطاً لها . فلما عاين الحملة الملك المعز ، وشاهد إقدامه ، انهزم ، ورجع إلى الشام - كما تقدم .
وساقت الأمراء العزيزية - مماليك والده - بأطلابهم إلى خدمة الملك المعز ، ودخلوا في طاعته ، وهم : الأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي ، والأمير شمس الدين أقش البرلي ، والأمير شمس الدين أقش الحسامي ، وأمثالهم . وكان سبب انصرافهم عن سلطانهم الملك الناصر أنه أضافهم ، يوم الحرب ، إلى طلب الأمير شمس الدين لؤلؤ - أتابكه - فعز ذلك عليهم ، وفارقوا خدمة الملك الناصر .
قال : واجتمع الأمراء القيمرية ، وغيرهم ، إلى شمس الدين لؤلؤ ، وهنوه بالنصر على زعمهم - وتفرقت جماعتهم في طلب المكاسب . فلم يبق معهم من مماليكهم إلا نفر قليل . فصادفهم الملك المعز بمن معه من عسكره ، فقاتلهم . فقتل شمس الدين لؤلؤ ، وجماعة من الأمراء القيمرية ، وهم : حسام الدين ، وصارم الدين ، القيمريان ، وسعد الدين الحميدي ، ونور الدين الزرزاري ، وجماعة من أعيان مماليك الملك الناصر . وقتل أيضاً تاج الملوك ، بن الملك المعظم تورانشاه .
وأسر جماعة ، وهم : الملك الصالح بن العادل سيف الدين أبي بكر ابن أيوب . ثم قتله الملك المعز في سنة تسع وأربعين ، ودفنه بالقرافة . وأسر أيضاً الملك المعظم تورانشاه ، بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وأخوه نصرة الدين ، والملك الأشرف صاحب حمص ، وشهاب الدين بن حسام الدين القيمري ، وغيرهم .
وأما بقية الأمراء الناصرية ، فإنهم ما علموا بشيء من ذلك . بل ساقوا خلف من انهزم من العسكر ، إلى أن وصلوا إلى العباسة وخيموا بها . ثم بلغهم الخبر فرحلوا

الصفحة 271