كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 272 """"""
بمكاسبهم وأثقالهم . قال : ولما انتصر الملك المعز ، وقتل من قتل ، وأسر من أسر ، ساق إلى العباسة ليلتحق بعساكره . فرأى دهليز الملك الناصر وعساكره قد خيم على العباسة ، فعرج عن طريقها . وسار على طريق العلاقمة إلى بلبيس فلم يجد بها من العسكر أحداً . وبلغه أن منهم من دخل إلى القاهرة ، ومنهم من انهزم إلى الصعيد . فنزل على بلبيس بمن كان معه ، إلى أن تحقق عود من سلم من العسكر الشامي . وعاد الملك المعز إلى قلعة الجبل ، مؤيداً منصوراً .
قال : ولما طلع إلى القلعة ، وجد جماعة من الأمراء المعتقلين بها ، لما بلغهم وصول المنهزمين من العسكر المصري ، ظنوا أن الهزيمة تستمر ، فخطبوا للملك الناصر على منبر الجامع بالقلعة ، في يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة من السنة . فعظم ذلك على الملك المعز ، وشنق الأمير ناصر الدين إسماعيل بن يغمور الصالحي ، وأمين الدولة وزير الملك الصالح ، على شراريف قلعة الجبل - وكانا من جملة المعتقلين بها - ومن أشار بالخطبة للملك الناصر . ثم أخرج جميع من دخل إلى القاهرة من العسكر الناصرية ، وأعادهم إلى دمشق على دواب - وكانوا ثلاثة آلاف نفس - ولم يركب أحداً منهم فرساً ، إلا نور الدين بن الشجاع الأكتع ، وأربعة من مماليك الملك الناصر .
واستهلت سنة تسع وأربعين وستمائة
: في هذه السنة ، خرج الملك المعز بعساكر الديار المصرية ، لقصد الملك الناصر ، فنزل على أم البارد عند العباسة . واتصل ذلك بالملك الناصر ، فجهز العسكر الشامي إلى غزة ، ليكون قبالة العسكر المصري . وأقام العسكران في منازلهما ستين يوماً . ونزل الملك الناصر على غمتا من الغور ، وخيم عليها . وأقام بعسكره ستة أشهر .
وفيها في شعبان ، عزل قاضي القضاة : عماد الدين أبو القاسم إبراهيم ابن هبة