كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 279 """"""
بالقاهرة المعزية . وفوض ذلك لشيخ الاسلام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام . وتوجه قاضي القضاة بدر الدين السنجاري إلى الحجاز الشريف ، من جهة البحر ، وعاد في البر .
وفي هذه السنة ، وصلت الأخبار من مكة - شرفها الله تعالى - أن النار ظهرت من بعض جبال عدن ، وأن شررها يطير في الليل ويقع في البحر ، ويصعد منها دخان عظيم في النهار . فظن الناس أنها النار التي أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنها تظهر في آخر الزمان ، وهي من أشراط الساعة . فتاب الناس ، وأقلعوا عما كانوا عليه من الظلم والفساد ، وشرعوا في أفعال الخير والصدقات .
ذكر اخبار الأمراء البحرية وما اتفق لهم بعد مقتل الأمير فارس الدين أقطاي
قد رأينا أن نذكر أخبار الأمراء البحرية في هذا الموضع - متتابعة - من حين هربهم ، ولا نقطعها بالسنين ، لتكون أخبارهم سياقة يتلو بعضها بعضاً . كان من خبرهم ، أنه لما شاع الخبر بمقتل الأمير فارس الدين أقطاي ، واتصل ذلك بالأمراء خوشداشيته - وفيهم الأمير ركن الدين البندقداري ، والأمير سيف الدين قلاوون الألفي ، والأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، والأمير سيف الدين بلبان الرشيدي ، والأمير بدر الدين بيسري الشمسي ، والأمير سيف الدين سكز ، والأمير عز الدين أزدمر السيفي ، والأمير سيف الدين سنقر الرومي ، والأمير سيف الدين بلبان المستعربي ، والأمير سيف الدين برامق ، وغيرهم من الأمراء ، ومن انضم إليهم من خوشداشيهم - خرجوا من القاهرة ليلا ، وأحرقوا باب القراطين ، وتوجهوا إلى الشام . واعتقل السلطان - الملك المعز - من بقي منهم بالقاهرة .
وتوجه الذين خرجوا من القاهرة حتى نزلوا غزة ، وكاتبوا السلطان الملك الناصر صاحب الشام ، وسألوه أن يأذن لهم في الوصول إليه ، فأجابهم إلى ذلك . ووصلوا إليه ، فأنعم عليهم بالأموال والخلع ، وأقطعهم الإقطاعات . وأقاموا عنده يحرضونه على قصد الديار المصرية ، فما وثق بهم . وكان الملك المعز قد كتب إليه وخيله منهم ، وأوهمه .