كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 284 """"""
تاسع شهر رمضان . وكان ذلك جارياً في ولاية قاضي القضاة : بدر الدين يوسف السنجاري .
فاستقر القاضي بدر الدين - قاضي القضاة - بالقاهرة والوجه البحري . ثم فوض ذلك ، في بقية هذا الشهر ، لقاضي القضاة تاج الدين ، المشار إليه - بتقليد تاريخه لثمان بقين من شهر رمضان من السنة . فكمل له بهذه الولاية قضاء القضاة بالمدينتين ، والعملين القبلي والبحري ، وسائر أعمال الديار المصرية . وعزل قاضي القضاة : بدر الدين السنجاري عن القضاء .
وقد شاهدت تقليدي قاضي القضاة تاج الدين . ونسخة التقليد الأول - بعد البسملة ، ومثال العلامة المعزية : - حسبني الله . الحمد لله مقيم منار الشريعة الهادية ، وناشر أعلامها . ورافع محلها على الشرائع ومعلى مقامها . وهادي الخليقة إلى اتباع أقضيتها وأحكامها . وناصر دينه باتساقها وانتظامها . ومشيد أركانها بصالحي أئمتها وحكامها ، وجاعلهم أئمة يهدون بأمره في نقض الأمور وإبرامها . وصلى الله على سيدنا محمد ، خاتم الرسل وإمامها . ومنير الملة بعد إظلامها . وعلى آله وأصحابه ، نجوم سماء المعارف وبدور تمامها - صلاة لا تنقطع مادة دوامها ، ولا يأتي النفاد على لياليها وأيامها .
أما بعد . فإنا لما فوض الله إلينا من أمور بريته ، واستحفظنا إياه من تدبير خليقته ، وآتانا بقدرته من اليد الباسطة ، وجعلنا بينه وبين عقد خلقه الواسطة ، ومنحناه من السلطان والتمكين ، وخصنا به من الفضل المبين - لا نزال من حسن التدبير في تصعيد وتصويب ، ومن مصالح الإسلام في تمهيد وترتيب ، ومن الرأي الأصيل في خبب وتقريب ، عالمين بأن الله تعالى يسأل كل راع عما استرعاه ، وكل ساع عما سعاه ، ويحاسبه عليه يوم رجعاه ، ويجد عمله مكتوباً مسطراً ، وتجد كل نفس ما عملت من خير محضرا - وكان أولى الأمور بالنظر ، وأحقها أن يصان صفوها عن الكدر ، منصب الشريعة ، الذي هو ملاك الدين وقوامه ، وانتظام الإسلام والتئامه ، والطريق التي فرض الله اتباعها على خلقه ، والسبيل التي من فارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه - .
ارتدنا لهذا المنصب الشريف من يرعاه ويصونه ، وتجري على يده حياطته وتحصينه . ونظرنا فيمن يقع عليه سهم الاختيار ، ويظهر جوهره الابتلاء والاختبار . فكان