كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 286 """"""
ويجعل فيما فوض صلاح الخاصة والعامة والاعتماد فيه على العلامة الشريفة ، السلطانية الملكية المعزية - زاد الله علاها وشرفها ، إن شاء الله عز وجل . كتب في التاسع من شهر رمضان ، سنة أربع وخمسين وستمائة . الحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وسلم تسليماً كثيراً . وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ونسخة التقليد الثاني : الحمد لله ، كافل المزيد لمن شكره ، ورافع الدرجات لمن أطاعه فيما نهاه وأمره ، وهادى أمة الحق إلى السبيل الذي يسره ، وشرعه الذي ارتضاه لدينه وتخيره . وجاعل العلماء ورثة أنبيائه ، فيما أباحه من الأحكام وحظره .
أحمده حمداً لا يحصى عدده . وأشكره شكراً يتجدد كلما طال أمده . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، شهادة تستنفد الإمكان . ويشهد بالإخلاص فيها الملكان - . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، الذي اصطفاه وانتخبه . وفرض اتباعه على خلقه وأوجبه . وبعثه رسولاً في الأميين . وأرسله رحمة للعالمين .
ونصب شريعته سبيلاً منجيا . وطريقاً إلى الرسل مؤديا . وشرف رتبتها وعظمها . وأعلى قدر من رقي ذروتها وتسنمها - صلى الله عليه - ما تعاقب شمس وقمر . وذكر مبتدأ وخبر وجرى بالكائنات مشيئة وقدر .
وعلى الأنبياء ، الذي أخلصهم بخالصة ذكرى الدار ، وجعلهم من المصطفين الأخيار . وعلى آله أولى الأيدي والأبصار . وأصحابه المهاجرين والأنصار . صلاة دائمة الاستمرار . باقية على تعاقب الليل والنهار .
أما بعد ، فإن الله . تعالى - جعل شريعة نبيه صراطاً متبعا وطريقاً مهيعا ومحلاً مرتفعاً . وأنزل بتعظيمها قرآنا ، وجعلها بين الحق والباطل فرقانا . فقال مخاطباً لنبيه - تنبيهاً وتعليماً ، وتبجيلاً لقدرته وتعظيماً : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ، لتحكم بين الناس بما أراك اله ولا تكن للخائنين خصيما . وعظم قدر العلماء في آياته المحكمات ، وكلماته البينات ، فقال عز وجل : يرفع الله الذين آمنوا منكم ، والذين أوتوا العلم درجات .
فتعين بذلك على ولاة الأمور ، من الاجتهاد المأثور ، أن يتخيروا لهذا المنصب الشريف ، من الولاة : من هو أجلهم علما . وأعدلهم حكما ، وأنفذهم في الحق سهما .