كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 289 """"""
عشر نوبات . والله ، لقد زلزلت مرة ، ونحن حول حجرة النبي - ( صلى الله عليه وسلم ) - حتى اضطرب لها المنبر ، وسمعنا منه صوت الحديد الذي فيه واضطربت قناديل الحرم الشريف ودامت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى ، ولها دوى مثل دوى الرعد القاصف ثم طلع ، يوم الجمعة ، في طريق الحرة في رأس قريظة ، على طريق السوارقية بالمقاعد ، مسيرة من الصبح إلى الظهر - نار عظيمة مثل المدينة العظيمة وما ظهرت لنا إلا ليلة السبت . وأشفقنا منها وخفنا خوفاً عظيماً .
وطلعت إلى الأمير وكلمته ، فقلت له : قد أحاط بنا العذاب ، ارجع إلى الله تعالى . فأعتق ممالكه ، ورد جماعة أموالهم . فلما فعل هذا ، قلت له : اهبط الساعة معنا إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . فهبط ، وبنا ليلة السبت ، والناس جميعاً والنسوان وأولادهم ، وما بقي أحد ، لا في النخيل ولا في المدينة - إلا عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . وأشفقنا منها ، وظهر لها لسان - حتى رؤيت من مكة ، ومن الفلاة جميعها . ثم سال منها نهر من نار ، وأخذ في وادي أحيلين ، وسد الطريف . ثم طلع إلى بحرة الحاج ، وهو نهر نار يجري - وفوقه جمر تسير إلى أن قطعت الوادي - وادى الشظاة . وما عاد يجيء في الوادي سيل قط ، لأنها حرة ، تجى قامتين وثلاثا علوها . وتمت تسير ، إلى أن سدت بعض طرق الحاج ، وبعض البحرة ، بحرة الحاج . وجاء في الوادي إلينا منها قتير وخفنا أنه يجيئنا . واجتمع الناس ، ودخلوا على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وباتوا عنده جميعهم ليلة الجمعة . فطفىء قتيرها الذي يلينا ، بقدرة الله سبحانه .
وهي إلى الآن وما نقصت ، إلا ترى مثل الجمال حجارة من نار . لها دوي ، ما يدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب . وما أقدر أصف لك عظمها ، وما فيها من الأهوال . وأبصرها أهل التنعيم ، وندبوا قاضيهم ابن أسعد . وجاء وعدى إليها ، وما قدر يصفها