كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 295 """"""
مثرياً ، وله ودائع كثيرة ، فتتبعت واستخرجت ممن كانت تحت يده . واعتقل ، فسأل أن يعطى مالاً ، فداء عن نفسه .
حكى عن الصاحب بهاء الدين السنجاري أنه قال : دخلت عليه في محبسه ، فسألني أن أتحدث في إطلاقه - على أن يحمل في كل يوم ألف دينار . قال : فقلت له : كيف تقدر على هذا ؟ فقال : أقدر عليه إلى تمام سنة . وإلى انقضاء سنة يفرج الله ولما بذل هذا المال ، امتنعت والدة الملك المنصور من ذلك ، ولم ترض إلا بقتله . لأنها كانت مجفوة من السلطان الملك المعز ، وكان قد اتخذ سرارى وجعلهن عند الوزير شرف الدين ، فنقمت ذلك عليه ، وأمرت بقتله . فقتل صبراً .
ذكر أخبار الوزراء ، ومن ولي وزارة الملك المنصور إلى أن استقر في الوزارة قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز
لما صرف الصاحب شرف الدين الفائزي ، فوضت الوزارة بعده للفقيه : نور الدين علي بن رضوان القرافي مؤدب الملك المنصور هذا ، وخلع عليه خلع الوزراء . فامتنع أن يخط بقلمه ، أو يكتب على توقيع أو منشور ، واستمر كذلك عشرين يوماً ، واستعفى . فأرسل إليه قاضي القضاة بدر الدين السنجاري ، يلتمس منه أن يتحدث له في الوزارة ، ويعده عنه ، فيما قيل - للأتابك : أنا لا أصلح لهذا المنصب ، ولا أنفع ولا أنتفع به : وأشار بالقاضي بدر الدين .
فعند ذلك فوض للفقيه نور الدين هذا نظر الأحباس والأوقاف ، والشافعي والخانقاه والترب ، وغير ذلك من الأوقاف وفوضت الوزارة لقاضي القضاة : بدر الدين السنجاري ، فوليها ثلاثة أشهر وأياماً ، ثم عزل . وفوضت الوزارة بعده لقاضي القضاة : تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز - وكان قد صرف عن القضاء قبل ذلك ، وأعيد قاضي القضاء بدر الدين . وكانت وزارته في العاشر من شهر رمضان ، سنة خمس وخمسين وستمائة .
ونسخة التقليد - على ما نقلته عنه - ومثال العلامة السلطانية بعد البسملة : الحمد لله وبه توفيقي . الحمد لله الذي أوضع بعد الغى سبيل الرشد . وتدارك من المجد ما أخلق من أبراده الجدد . وثقف قناة الملك حتى لا يرى فيها عوج ولا

الصفحة 295