كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 31 """"""
يقول : غدرةٌ بغدرة ، والبادي أظلم .
فحاصرها العادل ، وقطع أشجارها وهدم جواسقها . فانتصر صاحب الموصل لصاحب سنجار ، خوفاً على بلاده . وراسل مظفر الدين صاحب إربل ، وكان بينهما وحشة . وكان من جملة رسالة صاحب الموصل له : أن الأحقاد تذهبها الشدائد . فراسل مظفر الدين العادل ، يشفع عنده في صاحب سنجار . فرد رسوله أقبح رد . فمضى إلى صاحب الموصل ، واتفق معه ، وراسلا صاحب الجزيرة .
وأرسل مظفر الدين إلى صاحب سنجار ، يشير عليه بمراسلة الخليفة . فأرسل إليه ، فمضى الرسول إلى بغداد . فأرسل الخليفة إلى العادل ، يشفع عنده في صاحب سنجار . فلم يجب العادل لذلك . فغضب رسول الخليفة ، وعاد إلى الموصل ، وقال لمن بها من الملوك : قد أذن لكم أمير المؤمنين في قتال العادل .
فكتبوا إلى الملك الظاهر صاحب حلب ، وأغروه بعمه . فأرسل أخاه الملك المؤيد : نجم الدين مسعود إلى عمه ، يشفع في صاحب سنجار . فرده أقبح رد . فبرز الظاهر من حلب ، في ثامن شعبان ، لقصد العادل . فتفرقت عساكره ، والتحق بعضها بالعادل .
ثم رأى أهل سنجار أن من خرج منهم غصبه عسكر العادل ، وفسقوا بمن خرج من النساء ، فقاتلوا قتال الحريم . فاضطر العادل إلى الصلح مع صاحب سنجار . فتقرر أن يسلموا إلى العادل : نصيبين والخابور ، ويحملوا إليه مالا . ففعل ، وفارق سنجار .
وفيها كانت وفاة الملك المؤيد : نجم الدين مسعود بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، برأس عين ، عند منصرفه من عند عمه الملك العادل ، برسالة أخيه بسبب سنجار . وكان قد نام في بيت مع ثلاثة نفر ، وعندهم منقل فيه نار ، والبيت بغير منفذ ، فانعكس البخار فأخذ على أنفاسهم ، فماتوا جميعاً فحمل المؤيد في محفة إلى حلب ، فدفن بها .
وفيها توفي الشيخ الإمام العلامة : فخر الدين أبو عبد الله ، محمد بن عمر بن الحسين بن علي بن محمد ، التيمي البكري الطبرستاني الأصلي ، الرزاي - المعروف بابن

الصفحة 31