كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 38 """"""
فاتهمه السلطان بمباطنة الملك الظاهر صاحب حلب ، واستوحش هو أيضاً من السلطان الملك العادل وأولاده ، فقصد الانحياز إلى قلاعه - وكان له عجلون وقلعة كوكب . واتفق أن السلطان توجه في هذه السنة إلى ثغر دمياط ، وصحبته أولاده الملك الكامل والملك المعظم والملك الفائز ، فاغتنم عز الدين أسامة غيبتهم ، وركب من القاهرة في يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة ، وخرج وأظهر أنه يريد الصيد .
فلما مر ببلبيس ، بطق متوليها إلى السلطان يخبره . فقال الملك العادل : من ساق خلفه فله أمواله وقلاعه . فانتدب الملك المعظم لذلك . وركب من ثغر دمياط ليلة الثلاثاء ، غرة شهر رجب . وساق في ثمانية ممن يعتمد عليهم ، وعلى يده حصان جنيب فوصل إلى غزة صبح الجمعة ، وسبق أسامة إليها ، وأمسك عليه الطرق . وأما أسامة فإنه تقطعت عنه مماليكه ومن كان معه ، وبقي وحده ، وبه مرض النقرس . ووصل إلى الداروم فعرفه بعض الصيادين ، فأعطاه أسامة ألف دينار ، وقال : خذ هذه وأوصلني إلى الشام . فأخذه وجاء إلى رفاقه فعرفوه ، وتوجهوا به على طريق الخليل ، ليتوجهوا به إلى عجلون . فوصلوا به إلى القدس ، في يوم الأحد سادس من شهر رجب . ونزل بصهيون - وهي ضيعة بالقدس .
وعلم به الملك المعظم ، فأرسل إليه بثياب وطعام ، ولاطفه ، وقال له أنت شيخ كبير ما يصلح لك الحصون ، فسلم إلى كوكب وعجلون . وقال أنا أحلف لك على مالك وملكك وجميع أسبابك ، وتعيش بيننا مثل الوالد . فامتنع من ذلك ، وسب المعظم أقبح سب . فلما يئس منه ، بعث به إلى الكرك واعتقله بها واستولى على قلاعه وأمواله وذخائره . فكان قيمة ما أخذ له ألف ألف دينار .
وأما السلطان الملك العادل فانه كان توجه في العشرين من جمادى الأولى إلى ثغر دمياط ، وتوجه منه إلى ثغر الاسكندرية ، ثم عاد وتوجه إلى الشام ، في ثاني شوال