كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
إلى جانب الكنيسة المعلقة بمصر مسجد قد عفى أثره ، فقصد العوام تجديده . فامتنع الكامل من إجابتهم إلى ذلك ، بسبب أبي شاكر . فثار العوام ، وقالوا لا بد من عمارته . فركب الملك الكامل من القلعة ، وجاء إلى الكنيسة المعلقة ، وكشف المكان بنفسه . فلما شاهده ، قال : ما كان هذا مسجداً قط . فاستغاث العوام ، وشغبوا ورموه بالحجارة ، فهرب منهم إلى القلعة .
وفيها توجه الملك الظافر الخضر ، بن السلطان الناصر : صلاح الدين يوسف بن أيوب ، من حلب لقصد الحج . فنزل بالقابون في يوم الأحد رابع شوال ، ثم انتقل إلى مسجد القدم في خامس الشهر . وكان الملك المعظم بحوران ، فوصل إلى دمشق ، وأدخله إليها وعمل له ضيافة . ثم توجه إلى الحجاز ، صحبة الركب الشامي ، فلما وصل إلى المدينة زار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وأحرم بالحج من ذي الحليفة ، فلما انتهى إلى بدر وجد عسكر الملك الكامل قد سبقه من مصر إلى بدر ، خوفاً منه أن يتوجه إلى اليمن . فقالوا له : ترجع . فعلم مرادهم . فقال إنه قد بقي بيني وبين مكة مسافة يسيرة ، وإني قد أحرمت . ووالله ما قصدي اليمن ولا أقصد غير الحج ، فقيدوني ، واحتاطوا بي ، حتى أقضي المناسك وأعود . فلم يوافقوه على ذلك ، وأعادوه إلى الشام فصنع كما صنع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حين صده المشركون عن البيت : قصر وذبح ما تيسر ، وعاد إلى الشام .
وفيها توفي الأمير فارس الدين ميمون القصري بحلب في رابع عشر من شهر