كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 29)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
القاهرة . واشتغل في الحديث . فسارع الفاضل في انجاز الكتابين ، وجعل أسد الدين يسارقه النظر ، والفاضل يكتب كأنه يكتب من حفظه . وفرغ منهما إلى أسرع وقت . فقال أسد الدين : أقرأهما ، فقرأهما . قال الأثير : والله لو حسن الرقص في ذلك المكان ، لرقصت .
فعند ذلك التفت إلى أسد الدين ، وقال : يا قاضي ، جزاك الله خيراً في حقه . عندنا كتبةٌ بالشام نأمرهم بالشيء ، فيمضون ويقيمون اليوم واليومين ، ولا يأتون به على الغرض . وهذا قلنا له كلمتين ، كتب هذه الكتب التي لا نظير لها . وأقمنا عنده إلى صلاة المغرب ، فقام للصلاة . فقال لي : تقدم . فقلت : هذا أفضل مني ، لأني توليت المكوس ، وهذا لم يل شيئاً منها . فتقدم الفاضل وصلى . واتصل به . هذا ما نقل عن الأثير بن بنان .
وقيل : إنه لما اتصل بخدمة الملك الناصر صلاح الدين ، وأن الأثير كان يكتب بين يديه قبله ، فاشتكى من بطئه في المكاتبات ، فقيل له : إن الأسعد البيساني لم يكن في الكتاب أرشق منه . فاستدعاه وأمره بكتاب ، فكتب بين يديه وبالغ فيه ، وأسرع في انجازه وقرأه عليه . فعظم عند الملك الناصر ، ونعته بالقاضي الفاضل . وكان له شعر حسن . وقيل : إن أول اتصال الفاضل بالدولة العبيدية في أيام العادل بن الصالح ابن رزيك . وأنه استخدم في ديوان الجيوش ، فأقام فيه مدة . فلما كانت دولة شاور الثانية ، نقله إلى ديوان المكاتبات شريكاً للموفق بن الخلال . فلم يزل إلى أيام أسد الدين ، فاتفق له ما ذكرناه .

الصفحة 9