كتاب الحوار مع أتباع الأديان - مشروعيته وآدابه
والمراد بذلك كله الجدل على الباطل وطلب المغالبة به، لا الجدل بحثاً عن الحق وفي طلبه، فإن ذلك اللون من ألوان الجدل محمود.
والثاني: الجدل المحمود، وهو الذي يكون في طلب الحق بالأسلوب الحسن بعيداً عن الخصومة، ومنه قوله عز وجل: {وجادلهم بالتي هي أحسن} (النحل: 125).
وهو بهذا المعنى مرادف للحوار، قال تعالى واصفاً حديث المرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحوار والجدال، فقال: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} (المجادلة: 1). قال ابن كثير: " وهو يحاوره، أي: يجادله ". (¬1)
وهكذا فالجدال صورة من صور الحوار، وقد أمر بها الله ورسوله، وتجنباً لما قد يكتنفه من اللدد في الخصومة فإنهما أمرا بالمجادلة بالتي هي أحسن، بعيداً عن ضروب الجدل المذموم الذي يفضي إلى الشقاق.
ج. المناظرة
المناظرة لغة "من النظير، أو من النظر بالبصيرة" كما عند الجرجاني، وقال ابن منظور: "والمنظر والمنظرة: ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك ... النظر: الفكر في الشيء تقدره وتقيسه منك ". (¬2)
أما في الاصطلاح فقد عرفها الجرجاني: "النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهاراً للصواب". (¬3)
وعرفها ابن منظور: "أن تناظر أخاك في أمر إذا نظرتما فيه معاً كيف تأتيانه". (¬4)
وقال الزَّبيدي: "والمناظرة المباحثة والمباراة في النظر واستحضار كل ما يراه ببصيرته". (¬5)
¬_________
(¬1) تفسير القرآن العظيم (3/ 84).
(¬2) التعريفات (298)، لسان العرب (5/ 217).
(¬3) التعريفات (298).
(¬4) لسان العرب (5/ 217).
(¬5) تاج العروس (3/ 575).
الصفحة 10
85