كتاب الحوار مع أتباع الأديان - مشروعيته وآدابه

أهمها الحوار الذي شاع بين المسلمين والنصارى في تلك الربوع.
ولئن كان التاريخ ذهل عن تسجيل حوارات عوام المسلمين مع غيرهم، والذي أسفر عن دخولهم الإسلام، فإنه لم يغفل عن تسجيل الحوارات التي جرت في قصور السلاطين من المسلمين وغيرهم.
ومنه حوار الخليفة هارون الرشيد مع طبيبه النصراني، واستعانته بعالم خراسان محمد بن عمر بن واقد. (¬1)
كما جمع الخليفة المأمون بين كلثوم بن عمرو العتابي وابن فروة النصراني، وتناظرا بين يديه في قول النصارى بألوهية المسيح. (¬2)
كما وفد القاضي أبو بكر محمد الباقلاني على ملك الروم في القسطنطينية بأمر من المعتضد العباسي، والحوار الذي جرى بينه وبين ملك الروم وراهبهم مشهور في كتب التاريخ. (¬3)
ونقل صاحب عيون المناظرات قصة فيلسوف نصراني قدم بغداد، وأسلم بعد حواره مع نخبة من علماء المسلمين، جمعهم الخليفة في قصره، منهم الصالحي والجبائي والكعبي والأشعري. (¬4)
وبعيداً عن قصور الأمراء تحاور العلماء المسلمون مع غيرهم، ولعل من أوائل ما نقل في هذا الصدد حوار أبي حنيفة النعمان بن ثابت مع طائفة من الملاحدة حول سببية العالم. (¬5)
وكذلك حوار الفخر الرازي الطويل مع قسيس في خوارزم في موضوعات أهمها نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهل معجزات عيسى تدل على نبوته أو ألوهيته؟ (¬6)
¬_________
(¬1) انظر: عيون المناظرات (207 - 208).
(¬2) انظر: عيون المناظرات (213).
(¬3) انظر: سير أعلام النبلاء (17/ 191 - 192)، وعيون المناظرات (248 - 249).
(¬4) انظر: عيون المناظرات (217).
(¬5) انظر: درء تعارض العقل والنقل (3/ 127).
(¬6) انظر: مناظرة في الرد على النصارى، الرازي، تحقيق: عبد المجيد النجار، كما أثبت مقاطع منها في تفسيره لسورتي آل عمران والنساء.

الصفحة 22