كتاب الحوار مع أتباع الأديان - مشروعيته وآدابه

وعن معنى الجدل عند أهل الاصطلاح يقول ابن منظور: "الجدل مقابلة الحجة بالحجة، والمجادلة: المناظرة والمخاصمة". (¬1)
وعرفه الجرجاني بأنه: "القياس المؤلف من المشهورات والمسلمات، والغرض منه إلزام الخصم، وإفحام من هو قاصر عن إدراك مقدمات البرهان"، كما عرَّفه أنه: "دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة". (¬2)
وأما الجويني فيرى أن الجدال: "إظهار المتنازعَيْن مقتضى نظرَتهما على التدافع والتنافي بالعبارة أو ما يقوم مقامها من الإشارة والدلالة". (¬3)
وفي المعجم الوسيط: "طريقة في المناقشة والاستدلال، وهو عند مناطقة المسلمين قياس مؤلف من مشهورات أو مسلمات". (¬4)
وقد ورد إطلاق (الجدل) في نصوص القرآن والسنة على نوعين متباينين:
الأول: الجدل المذموم، وهو الذي يدور في طلب المغالبة لا الحق، أو الذي فيه نوع من الخصومة واللدد، ومنه قول الله تعالى: {وقالوا ءآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصمون} (الزخرف: 58)، ومثله قول الله تعالى في ذم جدال الكافرين: {ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد} (غافر: 4)، وقوله تعالى: {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} (غافر: 5)، وقوله تعالى: {لا جدال في الحج} (البقرة: 197) قال ابن منظور: "قالوا: معناه لا ينبغي للرجل أن يجادل أخاه، فيخرجه إلى ما لا ينبغي". (¬5)
وفي الحديث: ((ما ضَلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل)). (¬6)
¬_________
(¬1) لسان العرب (12/ 105).
(¬2) التعريفات (102).
(¬3) الكافية في الجدل (19 - 21).
(¬4) المعجم الوسيط (1/ 111).
(¬5) لسان العرب (11/ 105).
(¬6) رواه الترمذي ح (3253)، وابن ماجه ح (48)، وأحمد ح (21660)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح (2593).

الصفحة 9