كتاب تهذيب الرياسة وترتيب السياسة

لذيذ شهواته وسروره بِمَا يَتَأَتَّى لَهُ من دَرك إِرَادَته وارتياحه إِلَى تَنْفِيذ أوامره ونواهيه واغتباطه من السياسة بِمَا يذره ويأتيه مِمَّا يكسبه إِثْمًا أَو يلْحقهُ وصما أَو تعود عاقبته إِلَى فَسَاد فِي مَمْلَكَته أَو اختلال فِي دولته على مُوَافَقَته فِي اسْتِحْسَان مَا استحسنه ومتابعته على استصواب مَا خيل إِلَيْهِ رَأْيه من ذَلِك وزينه فَإِن ذَلِك من أعظم دَلَائِل الخاينة وَهُوَ مباين لسبيل النصح وَالْأَمَانَة بل يَنْبَغِي أَن يتلطف لَهُ فِي حَال استئناسه بِهِ وميله إِلَيْهِ وإدنائه مِنْهُ وإقباله عَلَيْهِ بإرشاده إِلَى أوضح الطّرق وأنهج السبل وَيبين لَهُ مَا ينتجه فعله من الْفساد والخلل فَإِنَّهُ مَتى قصد بذلك من إخلاص قلبه وَنِيَّته وَصدق ضَمِيره ورغبته إِظْهَار النصح الْوَاجِب عَلَيْهِ لأميره وسلطانه وَمن أنعم عَلَيْهِ بعوائده وإحسانه وتأدية النصح وَالْأَمَانَة والتنكب عَن مناهج الْغِشّ والخاينة أوقع الله تَعَالَى فِي قلب سُلْطَانه قبُول نصيحته والإصغاء إِلَى مشورته وَلَو اتّفق لسلطانه مثلا كَرَاهِيَة لقَوْله واتهاما فِي نصحه وَغَضب من موعظته لَهُ واستعظام للإنكار عَلَيْهِ فِي الْحَال فيوشك عَن قرب أَن ينصح لَهُ عِنْد اختلال تَدْبيره وَفَسَاد أُمُوره استصوابا لما سبق من رَأْيه ونصيحته ويندم على مَا فرط من إِنْكَاره عَلَيْهِ ومخالفته فيكسبه ذَلِك عِنْده منزلَة لَا يساميه فِيهَا سواهُ وَلَا يُسَاوِيه أحد من قصر عَن وُصُول مداه وَمَتى تَابعه على

الصفحة 161