كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

فالقياس إنما يفيد الظن والظن منهي عنه لقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ1} وقوله: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ2} أي ولا تتبع ما لا تعلم فهي نهي عما ليس بعلم ومن جملته الظن وأيضا قوله تعالى: {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ3} يقتضي الاستغناء عن القياس وأيضا قوله: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً4} وأجاب في الكتاب بأن الحكم مقطوع به لا مظنون والظن وقع في طريقه كما تقرر في أول الكتاب فإن قلت هذا يشعر بأنه سلم أن الظن مذموما لكنه وقع في طريق الحكم لا فيه وعلى هذا يكون الطريق مذموما ويكون الحكم كذلك لأنه مستفاد من الطريق المذموم قلت حاصل جوابه أنه منع كون الحكم مظنونا حتى لا يستدل الخصم عليه بما استدل ولا يلزم من هذا المنع تسليم أن الظن مذموم ولا إشعار له به ولو سلمنا أنه يشعر بذلك فقال الشيرازي شارح هذا الكتاب لا نسلم أن المستفاد عن المذموم مذموم ألا ترى إلى جواز كذب المقدمتين مع صدق النتيجة مثل قولك كل إنسان حجر وكل حجر حيوان ينتج كل إنسان حيوان وهو صحيح من كذب مقدمتيه ولقائل أن يقول كل انسان حيوان في هذا المثال صورة نتيجة لا نتيجة في نفسه وصدقه لنفسه لا لكون نتيجة فلا نسلم أن هاتين المقدمتين ينتجان هذا القول الصادق واعلم أن هذا الذي أجاب به المضيف ليس شاملا للآية الأولى ولا للآية الرابعة والجواب عن الآية الأولى أنا لا نسلم أن العمل بالقياس تقديم بين يدي الله ورسوله لأنه ثبت بالكتاب والسنة كما تقدم وعن الرابعة بأنه عام مخصوص لعدم اشتمال الكتاب على جميع الجزئيات وقد أجيب عما استدل به الخصم على المنع من الظن بوجهين آخرين لم يذكرهما في الكتاب أحدهما أنه حجة عليه فإن القول ببطلان القياس ليس معلوما عندك بل مظنون ضرورة أنه لا قاطع على فساده والذاتي أنه يجب تخصيصه بالأصول دون الفروع لوجوب العمل بشهادة الشهود وحكم القاضي وفتوى المفتي واجتهاد المجتهد في الماء
__________
1 سورة الأعراف "33"
2 سورة الإسراء "36"
3 سورة الأنعام "59"
4 سورة النجم "28"

الصفحة 16