كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

مع ذلك أيضا واعترض صفي الدين الهندي على الاستدلال بقوله أحل لكم الطيبات بأنه لا يفيد العموم لأنه يجوز أن يكون للعهد وهو ما أحل في الشرع مما يستطاب طبعا وحينئذ لا يحمل على العموم لتقدم العهد عليه ولك أن تقول يلزم مما قررت أن يكون قوله أحل خبر إلا إنشاء والحمل على الإنشاء أولى لكونه أكثر فائدة على أنا لا نسلم أن ما أحل في الشرع يجوز أن يكون معهودا هنا لأنه لم يتقدم له ذكر في الكلام ولا تعلق بحال الخطاب والمعهود ليس إلا ما كان كذلك وأما الاستدلال بقوله قل من حرم زينة الله فهو مبني على أن المفرد المضاف يفيد العموم فإن قلت لا نسلمه ولو سلمناه فالدليل خاص بالزينة والدعوة عامة
قلت أما الأول فمبين في موضعه وأما الثاني فإذا دل على الزينة دل على ما لا زينة فيه من المنافع ضرورة أنه لا قائل بالفصل كما علمت نعم لقائل أن يقول الآية دالة على عدم الحرمة ولا يلزم من ذلك الإباحه إلا أن يستدل مع ذلك باللام في قوله أخرج لعباده من حيث أنها للإختصاص النافع على ما سلف
"فائدة" قد علمت قول الجماهير أن الأصل في المنافع الإباحة ولك أن تقول الأموال من جملة المنافع والظاهر أن الأصل فيها التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن دماؤكم وأموالكم" الحديث وهو أخص من الدلائل المتقدمة التي استدلوا بها على الإباحة فيكون فاضيا عليها إلا أنه أصل طارئ على أصل سابق فإن المال من حيث كونه من المنافع الأصل فيه الإباحة بالدلائل السابقة ومن خصوصية الأصل فيه التحريم بهذا الحديث
قال "الثاني الاستصحاب حجة خلافا للحنفية والمتكلمين"
"ش" الاستصحاب يطلق على أوجه أحدهما استصحاب العدم الأصلي وهو الذي عرف العقل نفيه بالبقاء على العدم الأصلي كنفي وجوب الصلاة سادسة وصوم شوال فالعقل يدل على انتفاء وجوب ذلك لا لتصريح الشارع لكن لأنه لا مثبت للوجوب فبقي على النفي الأصلي لعدم ورود السمع به والجمهور على العمل بهذا وادعى بعضهم فيه الاتفاق فإن قلت قصارى دلالة الاستصحاب الظن وعدم وجوب

الصفحة 168