كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

قال ابن هشام فقال والله أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر قال: "لو بلغني هذا من قبل قتله لمننت عليه1" انتهى وقال الزبير بن بكار في النسب سمعت بعض أهل العلم يقولون إنها مصنوعة انتهى فقوله صلى الله عليه وسلم لمننت عليه يدل على أن الحكم كان مفوضا إلى رأيه فإنه لو كان قتله بأمر الله لقتله ولو سمع شعرها ألف مرة وقد قال المصنف تبعا للإمام إن هذه المرأة ابنة النضر وهو مخالف لما ذكره ابن هشام في رواية أخرى لا تقوم لها الحجة أنه ابنته كما ذكر
وثانيهما ما روى مسلم من حديث أبي بردة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا" قال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم2" وهذا الرجل هو الأقرع كما ذكر المصنف وهو ابن حابس والأقرع في الصحابة أربعة هذا أشهرهم وهذا الحديث أيضا يدل على أن الأمر كان مفوضا إلى اختياره قوله ونحوه أو نحو هذين الأمرين كقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة3" وكما قال صلى الله عليه وسلم: "في مكة لا يختلى خلاها ولا يعضدها شجرها" فقال العباس إلا الأزخر فقال: "إلا الازخر4" وغير ذلك وأجاب المصنف عن الكل بأنه يجوز أن تكون هذه
__________
1 السير ابن هشام 3/45
2 أخرجه أبو داود: الحج 2/190 والنسائي: مناسك الحج 5/110 وابن ماجة: المناسك 2/963 ولمسلم نحوه من حديث أبي هريرة ولم يسم الأقرع
3 حديث صحيح أخلرجه الحاكم في مستدركه كما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بلفظ "لولا أن أشق علي أمتي لأمرتكم بالسواك والطيب عند كل صلاة" الجامع الصغير 2122
4 حديث صحيح اخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولايختلي خلاه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقتطه إلا لمعرف" فقال العباس: إلا الإذخر "فإنه لابد لهم للقيون والبيوت فقال إلا الإذخر"

الصفحة 198