أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخل على بعض أزواجه فيقول: "هل من غداء" فإن قالوا لا قال: "إني صائم" ويروى: "أني إذن اصوم1" فيقتصر على الأول وإن كان عاما في كل صوم على صوم الفرض ويحمل الثاني على صوم النفل ومنها قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ2} مع قوله في آية أخرى
{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ3} فظاهر الأولى وضع السيف فيهم حتى ينفقوا وظاهر الآية الثانية يقتضي جواز أخذ الجزية من أصناف الكفار من غير فصل وقال عليه السلام: "خذوا من كل حالم دينارا" وقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" الحديث وظاهر هذا أن الجزية لا تؤخذ وأن ليس بيننا وبين الكفار إلا السيف أو الإسلام فيجمع بين الظاهرين ويأخذ الجزية من أهل الكتاب بآية الجزية ويضع السيف فيمن ليس متمسكا بكتاب ولا يشبه كتاب الظاهر الآية الواردة في القتل وأعلم أن بعض الفقهاء زعم أن هذا يتضمن استعمال مقتضى كل واحد من الدليلين ورأى هذا الجمع مستقلا بنفسه غير محتاج إلى إقامة دليل قال إمام الحرمين وهذا مردود عند الأصوليين بل لا بد من دليل خارج على ذلك وأما أن يجعل أحدهما دليلا في تخصيص الثاني والثاني في تخصيص الأول فهذا ما لا سبيل إليه
__________
1 رواه البخاري فضائل أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ومسلم 3/1379 والنسائي 7/132 من حديث أبي هريرة وابن عمر- رضي الله عنهما
2 سورة التوبة آية 5
3 سورة التوبة آية 29
تعارض النصين
...
قال "مسألة إذا تعارض نصان وتساويا في القوة والعموم وعلم المتأخر فهو ناسخ وإن جهل فالتساقط أو الترجيح"
"ش" النصان المتعارضان على ضربين
الأول أن يكونا متساويين في القوة باشتراكهما في العلم أو الظن وفي العموم بأن يصدق كل منهما على ما يصدق عليه الآخر وله ثلاثة أحوال
أولها أن يتأخر ورود أحدهما عن الآخر ويكون معروفا بعينه فينسخ