كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

غير اعتبار نية ولا علم بمقصد وكذا لو قال لوكيله بع سالما لسوء خلقه واحتج أبو عبد الله على مذهبه بأن من ترك أكل رمانة حامضة لحموضتها وجب عليه أن يترك أكل كل رمانة حامضة بخلاف من أكلها لحموضتها وأجيب بأنا لا نسلم أنه يجب عليه ترك الكل وذلك لاحتمال أن يكون الداعي لا مطلق حموضة الرمانة بل حموضة هذه الرمانة الخاصة سلمناه ولكن لا فرق في ذلك بين الفعل والترك وإنما لم يجب أكل رمانة حامضة على من أكل رمانة حامضة لأنه لم يأكلها لمجرد حموضتها بل لحموضتها مع قيام الاشتهاء الصادق بها وخلاء المعدة عن الرمان وعلمه أو ظنه بعدم تضرره بها وهذه القيود غير موجودة في أكل الرمانة الثانية وهذا ما ذكره الإمام ولقائل أن يقول التفرقة بين الفعل والترك ثابتة فإن جانب النهي يدل على كون المشترك مفسدة مطلوبة العدم ولا يحصل هذا الغرض إلا بالامتناع عن كل الأفراد وأما في طرف الفعل فالغرض متعلق بالمصلحة المشتركة بين الأفراد وذلك يحصل بأي فرد كان كذا ذكره النقشواني وهو حسن وهو وجه التفرقة بين اقتضاء النهي التكرار دون الأمر كما قررناه في موضعه قال وقول الإمام مع الاشتهاء الصادق وخلا المعدة عين الفرق
قال "الثالثة القياس أما قطعي أو ظني"
هذه المسألة تشتمل على بحثين الأول أن القياس ينقسم إلى قطعي وظني الأول القطعي وهو الذي يتوقف على العلم بعلة الحكم في الأصل ثم العلم بحصول مثل تلك العلة في الفرع فإذا علمها المجتهد تيقن إلحاق ذلك الفرع بالأصل في حكمه ومساواته له وهذا القياس قطعي كما قال المصنف وإليه أشار الإمام في المحصول بقوله قد يكون ظاهرا جليا ثم صرح من بعد في أثناء المسألة بأنه يقيني وأما حكمه فقد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا ومثال ذلك من لظى قياس التأفيف على الضرب لأنا نعلم أن العلة الأذى ويعلم وجودها في الضرب مع أن ثبوت الحكم في التأفيف ظني لأنه مستعاد من دلالة اللفظ وقد قرر الإمام أن الإنصاف أنه لا سبيل إلى استفادة اليقين منها لتوقفها على الاحتمالات العشرة وهيهات أن توجد ذلك والثاني ظني كما

الصفحة 24