كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)
وأخص منه المناسب الضروري وأخص منه ما هو كذلك في حفظ النفوس وبالجملة فإنما يلتفت إلى الأوصاف بعد ظن التفات الشرع إليها وكل ما كان التفات الشرع إليه أكثر كان ظن كونه معتبرا أقوى وكل ما كان الوصف والحكم أخص كان ظن كون ذلك الوصف معتبرا في حق ذلك الحكم آكد فيكون مقدما على ما هو أعم منه
قال "لأن الاستقراء دل على أن الله تعالى شرع أحكامه لمصالح لعباده تفضيلا وإحسانا فحيث ثبت حكم وهناك وصف ولم يعلم غيره ظن كونه علة"
هذا دليل على أن ما تقدم من المناسب يفيد العلية وتقريره أنا استقرينا أحكام الشرع فوجدناها على وفق مصالح العباد وذلك من فضل الله تعالى وإحسانه لا بطريق الوجوب عليه خلافا للمعتزلة فحيث ثبت حكم وهناك وصف صالح لعلية ذلك الحكم ولم يوجد غيره يحصل ظن أن ذلك الوصف علة لذلك الحكم والعمل بالظن واجب وقد ادعى بعضهم الإجماع على أن الأحكام مشروعة لمصالح العباد قال وذلك إما بطريق الوجوب عند المعتزلة أو الإحسان عند الفقهاء من أهل السنة وهذه الدعوى باطلة لأن المتكلمين لم يقولوا بتعليل الأحكام بالمصالح لا بطريق الوجوب ولا الجواز وهو اللائق بأصولهم وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة جماهير المتكلمين والمسألة من مسائل علمهم وقد قالوا لا يجوز أن تعلل أفعال الله تعالى لأن من فعل فعلا لغرض كان حصوله بالنسبة إليه أولى سواء كان ذلك الغرض يعود إليه أم إلى الغير وإذا كان كذلك يكون ناقصا في نفسه مستكملا في غيره ويتعالى الله سبحانه عن ذلك
قال "وإن لم يعتبر فهو المناسب المرسل اعتبر مالك"
تقدم الكلام في المناسب إذا اعتبره الشارع وإن لم يعتبره فوراء ذلك حالتان
إحداهما أن لا يعلم أن الشارع اعتبره ولا الفاه وفيها كلام المصنف
الصفحة 62
295