كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)
وذلك هو المناسب المرسل وقد قال به مالك بن أنس وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى مبسوطا في الكتاب الخامس فإن صاحب الكتاب هناك ذكره
والثانية ولم يذكرها المصنف أن يلغيه الشارع فهذا لا يجوز التعليل به باتفاق القياسيين ومثاله قول بعض العلماء لبعض الملوك لما جامع في نهار رمضان عليك صوم شهرين متتابعين فلما أنكر عليه حيث لم يأمره بالاعتاق مع اتساع ماله قال لو أمرته بذلك لسهل عليه واستحقر عتق رقبة في قضاء شهوته فكانت المصلحة عندي في إيجاب الصوم لينزجر فهذا قول باطل ومخالف لنص الكتاب بما اعتقده مصلحة وفتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير جميع حدود الشرائع ونصوصه بسبب تغير الأحوال ثم إذا عرف ذلك من صنيع العلماء لم يحصل الثقة بقولهم للمستفتين ويظن الظان أن فتياهم بتحريف من جهتهم بالرأي فإن قلت قولكم آنفا هذه الحالة لم يذكرها المصنف مدخول لأنها داخلة في عموم قوله وإن لم يعتبر ولا يقال هي وإن دخلت في كلامه فلم يردها لعدم الاختلاف في بطلانها لأن ابن الحاجب قد جعل المرسل هو ما لم يعتبر سواء علم إلغاؤه أم لا ونقل بعضهم القول بالمرسل عن مالك فيعلم من ذلك إن كان مالكا يخالف فيما علم إلغاؤه أيضا قلت هذا التركيب غير صحيح لأن الذي نقل عن مالك أنه اعتبر المرسل لم يقل أن المرسل ما لم يعتبر سواء أعلم إلغاؤه كابن الحاجب صرح بوقوع الاتفاق على ما علم إلغاؤه
وقد قال إمام الحرمين في باب ترجيح الأقيسة من كتاب الترجيح ولا نرى التعليق عندنا بكل مصلحة ولم ير ذلك أحد من العلماء قال ومن ظن ذلك بمالك فقد أخطأ انتهى فإذا كان مالك لا يرى التعليق بكل مصلحة مع أن من جملة ذلك ما لم يعلم إلغاؤه فكيف يقول بما علم إلغاؤه
قال "والغريب ما أثره هو فيه ولم يؤثر جنسه كالطعم في الربا والملائم ما أثر جنسه في جنسه أيضا والمؤثر ما أثر جنسه فيه"
هذا تقسيم للضرب الأول من المناسب وهو ما علم أن الشارع اعتبره وقد قسمه المصنف إلى غريب وملائم ومؤثر وعبارات المصنفين في التعبير عن
الصفحة 63
295