كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

الجلي لم ينكره أحد فمدخول ولو صح لكان وجها يرد عليه هنا وأما القاشاني والنهرواني فقالا يجب العمل بالقياس في صورتين
إحداهما أن تكون العلة منصوصة قالا وذلك أما بصريح اللفظ أو بما يماثله كذا نقله عنهما القاضي في مختصر التقريب وإمام الحرمين والغزالي والإمام والآمدي وغيرهم
والثانية أن يكون الفرع أولى بالحكم من الأصل ومثل له في الكتاب بقياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف وقد سبق منه أن هذا من باب المفهوم وسيأتي النظر في أن ذلك هل هو متناف إن شاء الله تعالى وهذا إيضاح ما في الكتاب مما يتعلق بمذهب القاشاني والنهرواني وهو في النقل عنهما تابع لأصحابه وقد نقل عنهما الآمدي أنهما لم يقضيا بوقوع القياس إلا فيما كانت عليه منصوصة أو مومأ إليها فقط والذي نقله الغزالي أنهما خصصاه بموضعين
أحدهما النص والإيماء كما عرفت
والثاني الأحكام المعلقة بالأسباب كرجم ماعز لزناه والمعلق باسم مشتق كالسارق والسارقة قال الغزالي وكليهما يعنيان بهذا القسم تنقيح المناط ويعترفان به وكلام إمام الحرمين في البرهان قريب من ذلك فإنه قال المقبول عندهما من مسالك النظر في مواقع الظنون شيئان أحدهما ما دل من كلام الشارع على التعليل به ولهذا صيغ منها ربطه الحكم بالأسماء المشتقة كالزانية والزاني ومن هذا القبيل سها فسجد زنى ماعز فرجم فالفاء تقتضي ربطا وتسبيبا وذلك مشعر بالتعليل قال وربما يلحقون به الفحوى في مثل قوله تعالى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ 1} والأمر الثاني ما يكون في معنى المنصوص عليه بالمنصوص عليه كقوله عليه السلام:"لا يبولن أحدكم في الماء الراكد2" قالا لو جمع جامع بولا في وعاء وصبه في الماء الراكد كان في معنى البول في الماء انتهى وكذلك كلامه في مختصر التقريب والإرشاد للقاضي
__________
1 سورة الإسراء آية "23"
2 أخرجه البخاري ومسلم بلفظ:"لايبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه

الصفحة 8