كتاب الإبهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

قال "رحمه الله قيل العلة ما يستلزم الحكم وقبل انتفاء المانع لم يستلزم قلنا بل ما يغلب على ظنه وإن لم يخطر المانع وجودا وعدما"
هذه حجة من حجج القائلين بأن النقض يقدح مطلقا وتقريرها أن العلة ما تستلزم الحكم وقبل أن ينتفي المانع أي مع وجوده لا يستلزم الحكم فلا تكون علة وحينئذ يكون تخلف الحكم مع وجود المانع قادحا في العلية وإذا كان كذلك كان التخلف لا لمانع قادحا بطريق أولى والجواب أنا لا نسلم كون العلة ما تستلزم الحكم بل هي ما يغلب على الظن وجود الحكم بمجرد النظر إليه وإن لم يخطر وجود المانع أو عدمه بالبال وهذا الجواب يستدعي تحديد العهد بالكلام في العلة وقد بنى المصنف كلامه على المختار من العلة المعرف
ولقائل أن يقول إن قلنا العلة مؤثرة أو باعثة فلا ريب في أنها تستلزم وإن قلنا معرفة نصبت أمارة فتعريفها للحكم يوجب ظن حصوله فصار مستلزما لحصول الظن والعمل بالظن واجب فهي مستلزمة على الأقوال جميعا وإن اختلفت جهة الاستلزام وحكمها
وقال أبو الحسين في المعتمد إن أقوى ما يحتج به هؤلاء أن يقال تخصيص العلة مما يمنع كونها أمارة على الحكم في شيء من الفروع سواء ظن كونها جهة المصلحة أو لا يظن ذلك لكن ذلك باطل لأن العلة فائدتها كونها توجب العلم أو الظن بثبوت الحكم في الفرع والأفقي الأصل لا حاجة إليها لثبوت الحكم فيه بالنص وإذا لم يحصل هذا بطل كونه علة وبيان أنه يمنع كونها أمارة على الحكم أنا إذا علمنا أن علة حرمة التفاضل في بيع الذهب بالذهب هي كونه موزونا ثم علمنا إباحة بيع الرصاص بالرصاص متفاضلا مثلا مع أنه موزون فلا يخلو إما أن يعلم ذلك بعلة أخرى يقتضي إباحته أو بنص فإن علمنا إباحته بعلة أخرى بقياس بها الرصاص على أصل ثبت فيه ذلك الحكم لكونه أبيض مثلا فأنا إذا علمنا في شيء أنه موزون وشككنا في كونه أبيض مثلا لم يعلم قبح بيعه متفاضلا ما لم يعلم أنه ليس بأبيض كما لو شككنا في كونه موزونا فظهر أنه لا يعلم بعد التخصيص تحريم بيع شيء متفاضلا لكونه

الصفحة 92