كتاب فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - (اسم الجزء: 3)

وذكر أيضاً ابنُ ناصر الدين الدمشقي أن أسماء بنت عميس كانت حينئذ بالحبشة. (¬١)
وما ذكره الحافظ ابن حجر - رحمه الله - مجرد احتمال ظني، وقد يؤيده ورود اسمها هكذا «أسماء» في عدد من الأحاديث، كما ستأتي ـ وإن كانت ضعيفة ـ واللَّه أعلم ـ.
وحصل إشكال شبيه بهذا، في ذكر أسماء بنت عميس أول الهجرة إلى المدينة، وتهيئتها عائشة لزواجها:
ففي «مسند أحمد» (٤٥/ ٤٦٤) رقم (٢٧٤٧١)، وغيره، من طريق مجاهد، عن أسماء بنت عميس ـ كذا ـ قالت: كنتُ صاحبة عائشة التي هيأتُها وأدخلتُها على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ومعي نسوة ... الحديث. وفيه: «إنَّ الكذبَ يُكتب كذباً؛ حتى تُكتب الكذيبة كذيبة». (¬٢)
قال العلماء: الصواب: أسماء بنت يزيد. (¬٣)
---------------
(¬١) «جامع الآثار» (٣/ ٤٩١).
(¬٢) انظر في الحديث: «الضعيفة» للألباني (٥/ ٤١٧) رقم (٢٣٩٥)، وقارِنْ بِـ «أنيس الساري» للبصارة (١١/ ١١٣٧) رقم (٥٨٠٧).
(¬٣) قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٢/ ١٧٣): ( ... ثم هو خطأ، فإن أسماء كانت وقتَ عُرس عائشة بالحبشة مع جعفر بن أبي طالب، ولا نعلم لمجاهد سماعاً عن أسماء، أو لعلها أسماء بنت يزيد، فإنها روت عجز هذا الحديث). ... =
قال العراقي في «المغني عن حمل الأسفار» (ص ١٠٣٢): (أخرجه ابن أبي الدنيا في ... «الصمت»، والطبراني في «الكبير»، وله نحوه من رواية شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، وهو الصواب، فإن أسماء بنت عميس كانت إذ ذاك بالحبشة، لكن في «طبقات الأصبهانيين» لأبي الشيخ من رواية عطاء بن أبي رباح، عن أسماء بنت عميس: زففنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض نسائه ... الحديث. فإذا كانت غير عائشة ممن تزوجها بعد خيبر فلا مانع من ذلك).
قال ابن حجر في «فتح الباري» (٩/ ٢٢٣): (وأخرج أحمد والطبراني هذه القصة من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن، ووقع في رواية للطبراني: أسماء بنت عميس. ولا يصح؛ لأنها حينئذٍ كانت مع زوجها جعفر بن أبي طالب بالحبشة، والمقيِّنَة ـ بقاف ونون ـ التي تُزَيِّنُ العروس عند دخولها على زوجها).
ــ أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع الأشهلية، أم عامر وأم سلمة الأوسية الأنصارية - رضي الله عنها -، بنت عمة معاذ بن جبل - رضي الله عنه -.

كان يقال لها خطيبةُ النساء. شهدت اليرموك، وقَتلَتْ يومئذ تسعةً من الروم بعَمُود فُسطاطها، وعاشَتْ بعد ذلك دهراً.
انظر: «سير أعلام النبلاء» (٢/ ٢٩٦)، «الإصابة» (٨/ ٢١)
أقول ـ احتمالاً ـ: لعلَّ أسماء بنت يزيد بن السكن هي التي هيأت فاطمة لزواجها، كما هيأت عائشة أيضاً.

الصفحة 132