كتاب فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - (اسم الجزء: 3)

حارثة، فعَرَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في وجْهِي الذي لَقِيتُ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما لَكَ»؟ ! ، فقلتُ: يا رسول اللهِ، ما رأيتُ كاليوم قطُّ، عدَا حمزة على ناقتي، فأجبَّ أسنِمَتهما، وبقَرَ خواصِرَهُمَا، وهَا هُوَ ذَا في بيت معَهُ شَرْبٌ.
فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه، فارتَدَى، ثم انطلق يمشي واتَّبَعُتُه أنا وزيدُ بنُ حارثة حتَّى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن، فأَذِنُوا لهم، فإذا هُمْ شَرْبٌ، «فطفِقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حمزةَ فيما فَعَلَ»، فإذا حمزةُ قد ثَمِلَ، مُحْمَرَّةٌ عَينَاهُ، فنَظَر حمزة إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثم صعَّدَ النَّظرَ، فنَظَرَ إلى رُكبَتِه، ثمَّ صعَّد النَّظرَ، فنَظَرَ إلى سُرَّتِهِ، ثمَّ صعَّدَ النَّظَرَ، فنَظَرَ إلى وَجْهِهِ، ثمَّ قال حمزةُ: هل أنتم إلا عبيدٌ لأَبِي؟
فعرفَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَدْ ثَمِلَ، فنَكَصَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على عقِبَيْهِ القَهْقَرَى (¬١)، وخَرجنَا مَعَهُ (¬٢)).
---------------
(¬١) قال ابن حجر في «الفتح» (٦/ ٢٠١): (وكأنه فعل ذلك خشية أن يزداد عبث حمزة في حال سُكْره، فينتقل من القول إلى الفعل، فأراد أن يكون ما يقع من حمزة بمرأى منه، ليدفعه إن وقع منه شيء).
(¬٢) قال ابن حجر في «الفتح» (٦/ ٢٠١): (قوله: «وخرجنا معه» زاد ابن جريج: «وذلك قبل تحريم الخمر» أي: ولذلك لم يؤاخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - حمزة بقوله).
وقال ابن حجر أيضاً (٦/ ٢٠١): (قال المهلب: وفيه: أن العادة جرت بأن جناية ذوي الرحم مغتفرة. قلت: وفيه نظر؛ لأن ابن أبي شيبة روى عن أبي بكر بن عياش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغرم حمزة ثمن الناقتين).

الصفحة 204