كتاب فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - (اسم الجزء: 4)
وأوامرِ رسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن هُبيرة - رحمه الله - (ت ٥٦٠ هـ): (وقول أبي بكر لهما: «سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة»، فإني استدللتُ بهذا من فعل أبي بكر - رضي الله عنه - على متانةِ دينِه وشدَّةِ ورَعِهِ، وأنه لو كان مسامحاً أحداً من خلقِ اللَّهِ في حقٍّ من حقوق اللَّهِ؛ لكان قد سامحَ فاطمةَ ابنَةَ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، والعباسِ عمِّ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا قال في آخر الحديث: «واللَّهِ لَقرَابَةُ رسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أحبُّ إليَّ أنْ أصلَ مِن قرابتي».
لكنه خافَ مِن اللَّهِ - عز وجل - أن يراه، أو يراهُ العباسُ وفاطمةُ بعين مَن سامحهما في ذاتِ اللَّهِ - عز وجل -). (¬١)
وقال حماد بن إسحاق الأزدي (ت ٢٦٧ هـ) - رحمه الله -: (ولو لم يقُلْ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، كان لأبي بكر وعمر فيه الحظُّ الوافر بميراث عائشة وحفصة - رضي الله عنهما -؛ فآثروا أمرَ اللَّهِ وأمرَ رسولِه، ومنعوا عائشةَ وحفصةَ ومَن سواهما ذلك، ولو كانَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُورَث؛ لكان لأبي بكر وعمر أعظم الفخر به، أن تكون ابنتاهما وارثتَي محمد - صلى الله عليه وسلم -). (¬٢)
---------------
(¬١) «الإفصاح عن معاني الصحاح» لابن هبيرة (١/ ٧٣).
(¬٢) «تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسبل التي وجهها فيه» لحماد بن إسحاق (ص ٨٦).