كتاب فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - (اسم الجزء: 4)

أبو بكر بالعموم، واختلفا في أمر محتمل للتأويل، فلما صمَّمَ على ذلك؛ انقطَعَتْ عن الاجتماع به، لذلك فإن ثبت حديث الشعبي (¬١) أزال الإشكال وأخلِقْ بالأمر أن يكون كذلك؛ لما عُلِمْ من وفور عقلها ... ودينها - عليها السلام -). (¬٢)

قال السمهودي (ت ٩١١ هـ) - رحمه الله - معلقاً على قول ابن حجر: ... (لذلك تتمة، وهي أنها فهِمَت من قوله: «ما تركنا صدقة» الوقفَ،
ورأتْ أنَّ حقَّ النظر على الوقف، وقَبضِ نمائِهِ، والتصرفِ فيه، يُورَث، ولهذا طالبَتْ بنصيبها من صدقتِهِ بالمدينة، فكانت ترى أنَّ الحق في الاستيلاء عليها لها وللعباس - رضي الله عنهما -، وكان العباس وعلي - رضي الله عنهما - يعتقدان ما ذهبَتْ إليه، وأبو بكر يرَى الأمر في ذلك إنمَّا هو للإمام.
والدليل على ذلك: أنَّ عليَّاً والعباس جاءا إلى عمر يطلبان منه ما طلبَتْ فاطمة من أبي بكر، مع اعترافهما له بأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة»؛ لما في «الصحيح» من قصة دخولهما على عمر يختصمان فيما أفاء اللَّهُ على رسولِه - صلى الله عليه وسلم - من مال بني النضير، وقد دفع إليهما ذلك لِيَعْمَلا فيه بما كان رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يعملُ به وأبو بكر بعدَه، وذلك
---------------
(¬١) سبق تخريجه في المبحث وهو مرسل ضعيف.
(¬٢) «فتح الباري» لابن حجر (٦/ ٢٠٢).

الصفحة 407