كتاب فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - (اسم الجزء: 5)

صراط مستقيم، لا بنفس القرابة.

وقد يوجب النسبُ حقوقاً، ويوجِب لأجلِه حقوقاً، ويُعلَّق فيه أحكاماً من الإيجاب والتحريم والإباحة، لكنَّ الثواب والعقاب والوعد والوعيد على الأعمالِ لا على الأنسَابِ.
ولما قال تعالى: ... {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (سورة آل عمران، آية ٣٣). وقال: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} (سورة النساء، آية ٥٤)، كان هذا مدحاً لهذا المعدن الشريف، لما فيهم من الإيمان والعمل الصالح.
ومَن لم يتصف بذلك منهم لم يدخل في المدح، كما في قوله تعالى: ... {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (سورة الحديد، آية ٢٦).
وقال تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} (سورة الصافات، آية ١١٣).
وفي القرآن الثناء والمدح للصحابة بإيمانهم وأعمالهم في غير آية، كقولِه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (سورة التوبة، آية ١٠٠).

الصفحة 439