كتاب فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - (اسم الجزء: 5)

والذي يظهر أنَّ الإمام مسلم إنما قصدَ الخطأَ النِّسْبي؛ مقارنةً مع غيره: كحماد بن زيد، وعبد الوارث بن سعيد، وغيرهم، ودليلُ ذلك أنه أخرج لحماد في «صحيحه» عن هؤلاء، ما عدا عمرو بن دينار.
قال ابن رجب في «شرح العلل»: (ومعَ هذا فقد خرَّج مُسلمٌ في ... «صحيحه» لحماد بن سلمة، عن أيوب، وقتادة، وداود بن أبي هند، ... والجريري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ولم يُخرِجْ حديثَه عن عَمرو بن دينار، ولكن إنما خرَّج حديثَه عن هؤلاء فيما تابعَه غيرُه من الثقات، ووافقوه عليه، ولم يُخرِجْ له عن أحَدٍ منهم شيئاً تفرَّد به عنه).
والخلاصة أن له أوهاماً، لكنها تُحتَملُ له؛ لِسَعَةِ عِلْمِهِ، وكثرةِ مَروياته.
قال الذهبي في «السير»: (كان بَحْراً من بُحُور العلم، وله أوهامٌ في سعَةِ ما روى، وهو صَدوقٌ حُجَّة ـ إنْ شاءَ اللَّهُ ـ، وليس هو في الإتقان كحماد بن زيد).
الثالث: أنه يجمع أحاديث شيوخه في سياق واحد، دون تمييز ألفاظهم.
قال أبو يعلى الخليلي (ت ٤٤٦ هـ): (ذاكرتُ يوماً بعض الحفَّاظ، فقلتُ: لِمَ لَمْ يُخرِّج البخاري حماد بن سلمة في الصحيح، وهو زاهد ثقة؟ قال: لأنه جمعَ بين جماعة من أصحاب أنس؛ فيقول: حدثنا قتادة، وثابت، وعبد العزيز بن صهيب، وربما يخالِف في بعض ذلك! فقلتُ: أليس ابنُ وهب اتفقوا عليه، وهو يجمع بين أسانيد، فيقول: حدثنا مالك، وعَمرو بنُ

الصفحة 483