كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم
سعادة الإنسان الخالدة، بما فيه من سمو المعرفة الكبرى وبما فيه من تحقيق لرضا الله تعالى.
وبذلك يكون سلم الرقي الإنساني والحضارة المثلى ذا مراتب ثلاث، أسماها مرتبة ما يأخذ بيد الإنسان فردًا كان أم جماعة إلى السعادة الخالدة، ومن دونها تأتي مرتبة الرقي الذي يمنح المجتمع الإنساني سعادة التعاون والإخاء، والأمن والطمأنينة والرخاء، وسيادة النظام والحق والعدل، ثم تأتي من دونهما مرتبة الرقي المادي الذي يخدم الجسد الفاني ويمتعه.
ولكل من هذه المراتب درجات كثيرات يتفاضل الناس فيها بمقدار ما يرتقون منها، وفي درجات هذه المراتب يتنافس المتنافسون من الأمم في إحراز السبق الحضاري الأمثل.
وقد تحرز أمة من الأمم سبقًا حضاريًّا في إحدى هذه المراتب في حين أنها قد تكون في أقصى دركات التخلف الهمجي بالنسبة إلى غيرها من المراتب. أما الإسلام فإنه قد هيأ للملتزمين به كل أسباب التقدم والرقي الحضاريين، ودفعهم بقوة إلى قمم المجد المادية والمعنوية، الفردية والاجتماعية، أما عوامل التخلف في عصور الانحطاط، فهي من صنع الجاهلين، وتضليلات المعادين.
الصفحة 22
687