كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم
الاسم الأول: الحجة، قال الله تعالى في سورة "الأنعام: 6 مصحف/ 55 نزول":
{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} .
وقال تعالى أيضًا:
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} .
ويطلق اسم "الحجة" على أي دليل يقدمه صاحب الدعوى، سواء كان دليلًا صحيحًا، أم دليلًا فاسدًا.
ومن أمثلة الحجج الفاسدة حجة منكري البعث؛ إذ قالوا فيما حكى الله عنهم في سورة "الجاثية: 45 مصحف/ 65 نزول": {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ، وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .
وظاهر أن الاحتجاج على إنكارهم للبعث بعدم إتيان الرسل بآبائهم احتجاج فاسد، لا تقوم به حجة صحيحة، فإثبات الرسل للبعث قائم على أدلة منطقية مستندة إلى قدرة الله القادر على كل شيء، وإخباره فيما أنزل للناس عن طريق الوحي وهؤلاء المنكرون لم يستطيعوا أن ينقضوا أدلة الإثبات، ولا أن يعارضوها، وإنما جاءوا باحتجاج فاسد.
الاسم الثاني: البرهان، ويطلق لفظ البرهان في القرآن على الدليل القاطع المثبت للحقيقة، الذي لا يحتمل النقض.
أ- قال الله تعالى في سورة "النساء: 4 مصحف/ 93 نزول":
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} .
فالبرهان الذي جاء من عند الله دليل قاطع لا يحتمل النقض.
ب- وقال تعالى في سورة "المؤمنون: 23 مصحف/ 74 نزول":
{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} .
الصفحة 40
687