كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} .
ج- والقرآن الكريم أنزله الله بالحق، وذلك لأن كل ما فيه حق لا ريب فيه، قال الله تعالى في أول سورة "آل عمران: 3 مصحف/ 89 نزول":
{الم، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} .
د- ويأمر الله رسوله أن يدعو الناس إلى الحق الذي جاءهم من ربهم، وفي ذلك تنبيه لهم أن يتبينوا الحق الذي جاءهم به، بالنظر الشديد والبحث العلمي والمناقشة، قال الله تعالى في سورة "يونس: 10 مصحف/ 51 نزول":
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} .
هـ- ومن صفات المؤمنين بشكل مستمر أنهم يتواصون بالحق فيما بينهم، قال الله تعالى في سورة "العصر: 103 مصحف/ 13 نزول":
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .
وعلى هذا النسق تسير آيات كثيرات في القرآن الكريم، وعلى هذه الصورة الرائعة يبرز مبدأ الحق محتلًّا مركز الصدارة والتمجيد في أسس الحضارة الإسلامية.
النفور من الباطل:
أما الباطل الذي هو نقيض الحق فقد لقي من أسس الحضارة الإسلامية ما يستحق من نفرة وتجهم وحرب مركزة، كلما حاول أن يظفر بعلو في الأرض، واستحواذ على نفوس الناس أو عقولهم، أو أعمالهم، وبمقدار ما أبرزت الحضارة الإسلامية مبدأ الحق، وشددت على الالتزام به، بوصفه أساسًا من أسسها، وجهت ضد الباطل نفرتها وتجهمها وحربها المركزة.

الصفحة 43