كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم
ب- وقوله الله تعالى في سورة "الأعراف: 7 مصحف/ 39 نزول":
{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} .
فقول إبليس الذي يحكيه الله عنه: أنا خير منه، يريد به أنه أفضل تكوينًا من آدم، ودلل على ذلك بحجته الساقطة: خلقتني من نار وخلقته من طين، فاعتبر النار أشرف من الطين، وبنى على ذلك استعلاءه بالنظر في أصله الناري عن السجود لآدم، متجاهلًا أن الذي خلقه هو الذي يأمره بالسجود، وأمره واجب التنفيذ على أي وجه.
الوجه الثالث: وهو الوجه المقصود في أسس الحضارة الإسلامية.
ويطلق الخير ويراد به ما يكسبه الإنسان بإرادته في الحياة الدنيا من عمل قلبي أو نفسي أو جسدي يحقق له عند الله خيرًا باقيًا، وسعادة خالدة، وثوابًا حسنًا، ولو كان ذلك العمل شاقًّا أو مضنيًا أو مؤلمًا، أو فيه تعرض للضر والأذى.
ويرادف الخير بهذا المعنى الطاعة لله والبر ونحوهما.
وفي مقابل هذا يطلق الشر ويراد به ما يكتسبه الإنسان بإرادته من عمل قلبي أو نفسي أو جسدي يستحق عليه جزاء سيئًا، ولو جلب له في الدنيا متعة أو منفعة أو لذة.
ويرادف الشر على هذا المعنى المعصية لله والإثم ونحوهما. وقد لوحظ في هذا الوجه المراد من الخير والشر أمران:
الأمر الأول: ما سيؤول إليه العمل يوم القيامة من جزاء بالثواب أو بالعقاب، لما يتضمن من طاعة الله أو معصية له.
الأمر الثاني: ما يؤدي إليه العمل من آثار ونتائج حسنة أو سيئة على الفرد أو على المجتمع في الحياة الدنيا، وذلك لأن الأحكام الإسلامية تهدف إلى
الصفحة 54
687