كتاب شرح علل الترمذي لابن رجب - ط الرشد (اسم الجزء: 1)

114
واهتمام النقاد بهذا الأمر جعلهم يتابعون الرواة عن شيخ ما فيقسمونهم فئات بين الأطول صحبة والأقصر والأقل ممارسة والأكثر وممن اعتنى اعتناء فائقا باختيار أكثر رجاله من بين الأوثق والأطول صحبة الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه الصحيح وفي هذا يقول الإمام ابن رجب -في شرحه لعلل الترمذي -وأما البخاري فشرطه أشد من ذلك وهو أنه لا يخرج إلا للثقة الضابط ولمن ندر وهمه ونذكر لذلك مثالا وهو أن أصحاب الزهري خمس طبقات
الطبقة الأولى جمعت الحفظ والإتقان وطول الصحبة للزهري والعلم بحديثه والضبط له كمالك وابن عيينة وعبيد الله بن عمر ومعمر ويونس وعقيل وشعيب وغيرهم وهؤلاء متفق على تخريج حديثهم عن الزهري
الطبقة الثانية أهل حفظ وإتقان ولكن لم تطل صحبتهم للزهري وإنما صحبوه مدة يسيرة ولم يمارسوا حديثه وهم في إتقانه دون الأولى كالأوزاعي والليث وهؤلاء يخرج لهم مسلم عن الزهري
الطبقة الثالثة لازموا الزهري وصحبوه ولكن تكلم في حفظهم كسفيان بن حسين ومحمد بن إسحاق
الطبقة الرابعة قوم رووا عن الزهري من غير ملازمة ولا طول صحبة ومع ذلك تكلم فيهم مثل إسحاق بن أبي فروة وهؤلاء قد يخرج الترمذي لبعضهم
الطبقة الخامسة قوم من المتروكين والمجهولين كالحكم الأيلي وعبد القدوس بن حبيب
ورجال البخاري -كما دل عليه الاستقراء- هم في معظمهم من الطبقة الأولى طبقات الثقات ذات الصحبة والممارسة
وهكذا نرى أن درجة الثقة وحدها لا تكفي لقبول الحديث بل لا بد من@

الصفحة 120