كتاب شرح علل الترمذي لابن رجب - ط الرشد (اسم الجزء: 1)
---
ج:1 ص:123
والبرهان يلزم منه وجود من يدركهما لأنهما ثمرة هذه المعارف المتنوعة الشاملة وغير ذوي الاختصاص يكفيهم الحكم المتضمن صحة أو ضعفا أو بطلانا فإن حرصوا على المزيد فعليهم أن يسلكوا مسلك النقاد في إعداد الرصيد الكافي فهذا أبو زرعة يقول نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر ما أعلم أني رأيت له حديثا لا أصل له وعلى القارئ أن يقدر الرصيد الذي يحتفظ به أبو زرعة خلف هذه الكلمات فقد حفظ لرجل واحد هذا العدد ثم عرض هذا العدد على الأصول ثم أصدر حكمه بقوله ما أعلم أني رأيت له حديثا لا أصل له ومن لا يحيط بهذا العلم قد يشك في الخبر فإذا ثبتت له صحته فإنه يقول متى حفظها وكيف عرفها وعلام عرضها وهل عرض كل حديث عند ابن وهب على مئات مثل هذا الحديث عند غيره وأسئلة غير هذه تلح على معرفة الدليل والحجة ولكن ذلك بعيد المنال على من لا يعرف هذا الفن
هذا الذي يحمل عليه كلام النقاد عندما يمتنعون عن الاحتجاج لقولهم ويظهر هذا جليا في قول أبي حاتم في بداية قصته التي أوردتها وفيها جاءني رجل من أهل الرأي واهتمامات رجل الرأي غيرها عند رجل العلل الناقد فإذا كان رجل الرأي لا يدرك الحجة في العلة فإنه لا يعني خلوها من الحجة والدليل
ولقد عبر ابن مهدي عن هذا المعنى تعبيرا دقيقا عندما قال إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة وهو ما أبرزه ابن كثير أثناء تعريفه للعلل بقوله وهو فن خفي على كثير من علماء الحديث حتى قال بعض حفاظهم معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل@