كتاب شرح علل الترمذي لابن رجب - ط الرشد (اسم الجزء: 1)
---
ج:1 ص:126
بديهة وإن شئت فقل هو فن القلة من الناس وحتى هؤلاء القلة فإنهم متفاوتون في القدرة عليه
يقول ابن كثير في اختصار علوم الحديث وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه ومعوجه ومستقيمه فمنهم من يظن ومنهم من يقف بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث وذوقهم حلاوة عبارة الرسول التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة يدركها البصير من أهل هذه الصناعة
ويقول ابن الصلاح في هذا ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي أو بمخالفته غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن
أما الخطيب البغدادي فإنه يقول السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم من الإتقان
وإن نظرة سريعة يلقيها الباحث في كتب العلل تظهر له أي علم يحتاجه صاحب هذا الفن وأية معرفة يفتقر إليها حتى يصبح من أهل هذه الصنعة إنه يحتاج ملكة علمية متعددة الجوانب كثيرة العناصر تمتاز بالشمول والتكامل لأننا بعد التحقق نستطيع أن نقول إن كل جزئية من جزيئات علوم الحديث داخلة في علم العلل إما دخولا مباشرا أو غير مباشر كخادم لأصول هذا العلم وضروراته@