كتاب موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

28 - المسجد (الجامع)
المسجد مبنى أسس خصيصا لتقام فيه الصلاة، وورد اللفظ بهذه الدلالة فى القرآن الكريم: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} التوبة:108، ويقال له أيضا الجامع، واختص الأزهر بذلك فقيل: الجامع الأزهر.
وعمارة المسجد من أفضل القربات إلى الله، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا فى الجنة) (1). ولم تقتصر وظيفة المسجد فى أول الأمر على الصلاة بل كان المسجد أيضا مركز الحكم والإدارة والدعوة والتشاور، كما كان محل القضاء والإفتاء والعلم والإعلام، وغير ذلك من أمور الدين والدولة، ومن ثم علت منزلة المسجد عند المسلمين. وظهرت هذه المهام فى المسجد النبوى الشريف فى المدينة المنورة الذى خطط بحيث يناسب تصميمه إقامة شعائر الصلاة بصفة خاصة، ومن ثم صار تصميمه أساسا لتصميم المساجد الجامعة التى كانت تقام فيها صلاة الجمعة بالإضافة إلى الصلوات الخمس ولا سيما فى القرون الأربعة الأولى بعد الهجرة، كما صار أهم الطرز المعمارية لبناء المساجد فى العصور والأقطار الإسلامية المختلفة.
ويتألف هذا الطراز بصفة عامة من فناء أو صحن مكشوف ذى تخطيط مربع أو مستطيل تحيط به فى جوانبه الأربعة ظلات اصطلح على تسميتها أحيانا بالأروقة، وأكبرها رواق القبلة، وتقوم الأروقة على أعمدة أو دعائم قد تعلوها عقود، ومن أشهر المساجد التى بنيت حسب هذا الطراز: جامع القيروان، والمسجد الجامع بقرطبة، ومسجد القرويين بفاس والمسجد الجامع بسامراء، ومسجد ابن طولون بالقاهرة.
ثم ظهر طراز ثان لبناء المساجد ربما تطور عن تصميم المدرسة، وهو يشتمل على صحن أوفناء مربع قد يكون مكشوفا أومسقوفا تحيط به أربعة إيوانات فى شكل متعامد أكبرها إيوان القبلة، وسقف الإيوان عادة على شكل قبوة ترتكز على جدران الإيوان.
ونشأ هدا الطرازفى إيران، ومن المحتمل أنه تطور عن الطراز الأول الذى كانت المساجد المبكرة فى إيران تشيد على نمطه كما يتضح فى مسجد دمغان الذى يرجع إلى القرن الثانى بعد الهجرة (حوالى منتصف القرن الثامن الميلادى) وكذلك فى جامع نايين الذى شيد فى القرن الرابع الهجرى (10م) ثم تطور هذا الطراز فى إيران، وذلك بتزويد رواق القبلة بقبة، وظهر ذلك فى جامع أصفهان.
ومن أمثلة المساجد ذات الإيوانات الأربعة فى مصر مسجد آل مالك الجوكندار بالقاهرة (719هـ/1319م)، ومسجد جانى بك الأشرفى بالمغربلين بالقاهرة (830هـ/1426م)، ومسجد القاضى يحيى زين العابدين بشارع الأزهر (848هـ/1444م)، ومسجد قجماس الإسحاقى بالدرب الأحمر بالقاهرة (885هـ/1480م).
وفى العصر العثمانى ظهر طراز جديد لعمارة المساجد مشتق من تصميم أيا صوفيا باستانبول، ومتأثر فى الوقت نفسه بطراز المساجد السلجوقية فى آسيا الصغرى، وفى هذا الطراز كان المسجد يسقف بقبة كبيرة تحف بها قباب صغيرة أو أنصاف قباب، ويقام فى كل ركن من أركانه الأربعة مئذنة ممشوقة عالية مسننة القمة، ويتقدمه صحن فسيح مستطيل ربما تحف به أروقة ذات بلاطة واحدة. وانتشر هذا الطراز فى مختلف أنحاء الدولة العثمانية، ومن نماذجه:
جامع بايزيد، وجامع سليمان، والسلطان أحمد فى إستانبول، ومسجد الملكة صفية ومسجد أبى الذهب، ومسجد محمد على بالقاهرة.
ويزود المسجد عادة بمئذنة أو أكثر، ومن أهم أثاثاته منبر على يمين المحراب الذى يعين اتجاه القبلة، ودكة المبلغ فى رواق القبلة، وميضأة فى وسط الصحن عادة، وقد يلحق بالمسجد ضريح أو منشآت أخرى، واشتملت بعض المساجد الجامعة التى كان يدرس بها على أروقة لإقامة الطلاب الغرباء مثل الجامع الأزهر.
أ. د/حسن الباشا
__________
الهامش:
1 - صحيح البخارى صلاة65.

مراجع الاستزادة:
1 - مساجد القاهرة ومدارسها أحمد فكرى.
2 - العمارة العربيةفريد شافعى.
3 - فنون الترك وعمائرهم ترجمة أحمد عيسى.
4 - المساجد الأثرية حسن عبد الوهاب

الصفحة 598