كتاب منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب (اسم الجزء: 1)

وأن من زعم أن العالم قديم فقد أخرجه عن كونه مخلوقا لله. والنصارى لم يصل كفرهم إلى هذا الحد، قاله ابن القيم.
الحجة الرابعة:
قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ، وتقرير الدلالة أنه -تعالى- لا يعلم له ولدا، فيستحيل نسبته إليه، فإنه لو كان له ولد لعلمه، لأنه بكل شيء عليم، ونظير هذا قوله -تعالى-: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
فهذا نفي لما ادعوه من الشفعاء ينفي علم الرب بهم المستلزم لنفي المعلوم.
ومن ذلك قوله -تعالى-: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
وهاتان الآيتان ذكرهما الله -تعالى- بعد إكفاره النصارى في

الصفحة 368