كتاب منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب (اسم الجزء: 1)

-تعالى- بقوله: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} .
والمعنى -كما قال محمد بن إسحاق - {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل، ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} لهن تصريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد، كما ابتلاهم في الحلال والحرام أن لا يصرفن إلى الباطل، ولا يحرفن عن الحق.
يقول الله -عز وجل-: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} أي: ميل عن الحق إلى الهوى {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} أي: ما تصرف ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا ليكون لهم حجة ولهم على ما قالوا شبهة {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي: اللبس {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} على ما ركبوا من الضلالة في قوله: خلقن وقضينا. يقول الله -تعالى-: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} فكيف يختلف وهو قول واحد من رب واحد؟ !.
ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمات التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، فاتسق بقولهم الكتاب، وصدق

الصفحة 387