كتاب إكمال تهذيب الكمال الجزء الأول والثاني (اسم الجزء: 1)
‹ صفحة 19 ›
وكأنه - والله تعالى أعلم - أشبه لأمرين :
الأول : غنجار قعد بأهل بلده .
الثاني : لكثرة قائليه ، وتفرد من قال : يوم السبت .
قال الغنجار : كان عبد الله بن طاهر مشتاق إلي السرماري ، فكلموه في المضي
إليه فلم يجب ، فلما أكثروا عليه مضى إلى سابور ( 1 ) ، فدخل الحاجب وأعلم
صاحب خراسان به فأدخله ، فلما نظر ابن طاهر إليه مد يديه كلتيهما ، ووسع
بين رجليه وهو على السرير فعانقه بيديه ورجليه وجعل يبكى ، فأطال المقام ،
قال أوصني ، فأوصاه بكلام .
قال أبو نصر الليث بن نصر بن الحسن : اجتمعنا في الجامع بغداد ، فذكرنا قوله
صلى الله عليه وسلم : ( إن على رأس كل مائة سنة يبعث الله تعالى لهذه الأمة من يصلح لها
أمرها ويكون علما ) . فبدأت بأبي حفص أحمد بن حفص ثم ثنيت بمحمد بن
إسماعيل ثم ثلثت بالسرماري لأنه وحده كسر جند العدو ، فقالوا : نعم .
قال محمد بن إسماعيل البخاري - وجرى ذكره - : ما نعلم في الاسلام مثله .
قال : فبلغ ذلك أحيد بن رواحة رئيس المطوعة ، فقال للبخاري : إن هؤلاء
العجم يحكون عنك ويريدون كلاما ليس هو من قولك ، قال : وما هو ؟ قال :
قلت عن أحمد ما تعلم في الاسلام مثله ، فقال : ما هكذا قلت ، ولكن ما
بلغنا إنه كان في الاسلام ولا في الجاهلية مثله .
وقال ابنه أبو صفوان : دخلت على أبي يوما وهو في البستان يأكل وحده
فرأيت على ( 2 ) مائدته عصفورا يأكل معه وحواليه طيور ، فلما رآني العصفور
طار ، فقال أبى : هذا العصفور فر منك وكان ينفرد معي .
قال غنجار : ولما مات بلغ كراء الدابة من المدينة إلي قريته سرماري عشرة دراهم
ـــــــــــــــ
( 1 ) هي بلدة ولاية بين خوزستان وأصبهان تسمي : سابور خواست .
انظر معجم البلدان ( 3 / 188 ) .
( 2 ) في ( ق ) : في مائدته .