كتاب إكمال تهذيب الكمال الجزء الأول والثاني (اسم الجزء: 1)
‹ صفحة 265 ›
غير أن المزي أبعد النجعة في ذكر وفاته من عند المطين وابن أبي عاصم وإن
كان كتاباهما ( 1 ) غير عزيزي الوجود ، لكن ( تاريخ البخاري الكبير ) أكثر وجودا
وأعظم خطارا ، وهو رحمه الله تعالى قد نص على القولين اللذين نقلهما المزي
من عند هذين الإمامين ( ق 42 / أ ) .
والصواب أنه لا يجوز العدول عن كلام العلماء المتقدمين إلى من بعدهم ،
اللهم إلا أن يكون لزيادة أو ما أشبهها ( 2 ) ، والله تعالى الموفق .
قال البخاري في ( كتابه الكبير ) ( 3 ) : ثنا أحمد بن أبي رجاء : مات - يعني
ـــــــــــــــ
( 1 ) كذا في ( ق ) ، ( ه ) .
( 2 ) وهذا كلام في غاية الرصانة والجودة ، وكم غفل عنه كثير من المشتغلين بعلم الحديث
في عصرنا الحاضر ، إذ لم يقدروا كلام القوم حق قدره ، ولم ينزلوه المنزلة اللائقة
به ، بل بلغ بالبغض أنه لا ينقله في كتبه إلا لإثارة الشغب حوله ، تارة تحت زعم
عدم التقليد ، وتارة بدعوى كل يأخذ من قوله ويترك ، حتى انتهى الأمر ببعضهم أن
قال : أنه لا يمانع أن يخالف طليب ( هكذا طليب ! ) الإمام أحمد ! ولا أدري ؟
ماذا عند المشايخ من العلم فضلا عن الطلبة حتى يخالفوا به مثل
الإمام أحمد ! فلله الأمر من قبل ومن بعد .
نعود إلى اعتراض المصنف على المزي :
فالذي أراه أنه لم ينصف في اعتراضه هذا ، لأن الناظر في كتاب المزي يعلم أنه دائم
النظر في ( التاريخ البخاري ) بحيث يقطع أنه إنما أعرض عن هذا القول عن علم وليس
عن غفلة ، وسبب إعراضه أن البخاري لم يحك القولين على الحقيقة بل حكاهما عن
شيخه على الشك ، أي أن ثبوت أحدهما ينفي وجود الآخر ، فمع الشك يسقط
القولان معا ولا يترجح أحدهما إلا بمرجح من الخارج .
( 3 ) ( 1 / 310 ) .