كتاب إكمال تهذيب الكمال الجزء الأول والثاني (اسم الجزء: 1)
‹ صفحة 8 ›
أن لو كان الشيخ حيا لرحب بهذا الإكمال ، وكان استكتب منه الأسفار ،
وجعله عدة في الأسفار لما بلغنا من كثرة إنصافه وعدم إخلائه .
وكان مبدأ الشروع في كتب هذه المسودة قبل شهر الله رجب بقليل عام
أربع وأربعين وسبع مائة ، على حين تقسم القلب ، واضطراب من الحال ، وأثر
هذه الشواغل ، وأقل هذه الدواعي ما يدخل وينسى ما كان حفظ ، مع علمي
أنه لابد أن يقع هذا الكتاب في يد أحد رجلين ، إما عالم يعلم مقدار تعبي
وكيفية نصبي ، لأنني أتتبع كل لفظة يذكرها الشيخ من أصلها ، ثم أذكر الزيادة
عليها بحسب ما يتفق ، ولعله يكون في أكثر التراجم من التوثيق والتجريح ،
وشبههما قدر ما في كتاب الشيخ مرات متعددة ، وذلك يظهر بالمقابلة بين
الكلامين مع دراية وإنصاف ( 1 ) .
سبق الأوائل مع تأخر عصره كم آخر أزري بفضل الأول
فيصلح سهوا إن وقع ، ويغتفر زللا إن صدر ، لاعترافي قبل اقترافي
وإقراري قبل إيرادي واصداري .
وإما جاهل حسود أحب الأشياء إليه ، وأملكها لديه عيب أهل العلم ،
والتسرع إلى أهل الفهم ، لبعد شكله عن أشكالهم .
ولذلك قيل : من جهل شيئا عاداه ، ومن حسد امرءا اغتابه .
والله تعالى المستعان ، وعليه التكلان ، وهو حسبي ونعم الوكيل .
ـــــــــــــــ
( 1 ) إذا كان هذا هو ما يرضيك - وهو الأدب الواجب مع العلماء واللائق بمقامهم -
فلماذا لم تسلكه مع شيخك المزي وتلميذه الذهبي ، فقلبت لهما ظهر المجن
وتنكرت لحقهما ولم تتلمس لهما الأعذار كما تتطلب لنفسك ، بل خرجت عن
طورك في كثير من المواضع حتى وصل الأمر بك إلى اتهامهما بالجهل - كما في
ترجمة ثابت بن أبي صفية - وقلة العلم ، وأنت تعلم أنهما من هذا براء ، فالله
يعفو عنا وعنك .