كتاب إكمال تهذيب الكمال الجزء الأول والثاني (اسم الجزء: 2)

‹ صفحة 136 ›
وقال البخاري ( 1 ) : أسماء بن الحكم سمع عليا ، روى عنه : علي بن ربيعة ،
يعد في الكوفيين ، قال : كنت إذا حدثني رجل عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حلفته فإذا حلف
لي صدقته ، لم يرو عن أسماء إلا هذا الحديث وحديث آخر لم يتابع عليه ،
وقد روى أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بعضهم عن بعض فلم يحلف بعضهم بعضا . قال
الباقلاني في كتاب ( نقض العمد ) تأليف الجاحظ : لم يرد أبو الحسن رضي الله
عنه بهذا القول إحلاف عمر سيد المهاجرين والأنصار ، وإنما عنى بذلك أنه كان
يحلف من لا صحبة له طويلة ولا ضبط كضبط غيره ممن يجوز عليه الغلط
وشئ من التساهل في الحديث على المعنى ونحو ذلك .
واعترض المزي على كلام البخاري بقوله قلت : ما قاله البخاري لا يقدح في
صحة هذا الحديث ولا يوجب ضعفه ، أما كونه لم يتابع عليه فليس شرطا في
صحة كل حديث صحيح أن يكون لرواية متابع عليه ( 2 ) ، وفي الصحيح عدة
أحاديث لا تعرف إلا من وجه واحد نحو حديث الأعمال بالنيات ، الذي
أجمع أهل العلم على صحته وتلقيه بالقبول وغير ذلك ، وأما ما أنكره من
الاستحلاف فليس فيه أن كل واحد من الصحابة كان يستحلف من حدثه بل
فيه أن عليا كان يفعل ذلك وليس ذلك بمنكر أن يحتاط ، كما فعل عمر في
سؤاله البينة بعض من كان يروي له شيئا والاستحلاف أيسر من البينة ، وقد
روى الاستحلاف عن غيره أيضا على أن له هذا الحديث متابعا انتهى كلامه ،
وفيه نظر في مواضع :
الأول : قوله : ما قاله يقدح في صحة هذا الحديث ، لأن كلام البخاري لا
ـــــــــــــــ
( 1 ) ( التاريخ الكبير ) : ( 2 / 54 ) .
( 2 ) نعم ليس من شرط الصحيح أن يكون راويه متابعا ، شريطة أن يكون معروف
العدالة والضبط ، وذلك بشهادة أهل العلم عليه بالثقة والتثبت في الحفظ ، أما
والحالة هذه فكلام المزي لا وجه له .
فحديث ( الأعمال بالنيات ) مسلسل بالأئمة المعروفين بالعدالة والحفظ ، فهو قياس مع
الفارق ، والله أعلم .

الصفحة 136