كتاب إكمال تهذيب الكمال الجزء الأول والثاني (اسم الجزء: 2)

‹ صفحة 137 ›
يتمخض لهذا الحديث ، ولقائل أن يقول : إنما عنى الحديث الآخر الذي أشار
إليه إذ هو أقرب مذكور فعطف الكلام عليه أولى ويكون قد رد الحديثين جميعا
الأول : بإنكاره الحلف ، والثاني : بعدم المتابعة لا يتجه غير هذا ، وهذا من
حسن تصنيف البخاري - رحمه الله تعالى - ولهذا قال حين بلغه أن ناسا طعنوا
في شئ من ( تاريخه ) : إن شيوخهم لا يهتدون لوضعه .
الثاني : قوله نحو حديث الأعمال بالنية : لا يعرف إلا من وجه واحد . وليس
كذلك ( 1 ) لأنه عرف من غير وجه ، هذا أبو الحسن الدارقطني ذكره من حديث
أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وغيرهما .
وقد صنف بعض العلماء فيه تصنيفا لم أقف عليه ، وأخبرني عنه بعض
أصحابنا وأن فيه أكثر من عشرة من الصحابة رضي الله عنهم ، ثم رأيت
لعبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده كتابا سماه ( المستخرج ) ذكر أنه رواه
عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سبعة عشر صحابيا سماهم واحدا بعد واحد : علي ، وابن أبي
وقاص ، وأبو سعيد ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وأنس ، وابن عباس ،
ومعاوية ، وأبو هريرة ، وعبادة بن الصامت ، وعتبة ابن عبد ، وهزار بن سويد ،
وعقبة بن عامر ، وأبو ذر ، وجابر ، وعتبة بن عبد ، وعقبة بن مسلم .
الثالث : قوله : وقد روى الاستحلاف عن غيره أيضا مردود بأمرين :
الأول : من هو هذا الذي روى عنه ذلك ؟ ، ومن ذكره ؟ ، وفي أي موضع
هو ؟ ، بل لقائل أن يقول : لو كان راهـ لذكره كما ذكر المتابع ، وليس قوله بأولى
من قول البخاري النافي ، وليست مسألة النافي والمثبت ، لعدم التساوي .
الثاني : على تقدير وجود واحد أو اثنين لا يقدح في عموم قول البخاري ،
لاحتمال أن يكون من صغار الصحابة فعله اقتدى بعلي وتقليدا له .
الرابع : قوله ليس فيه - يعني في الحديث - أن كل واحد من الصحابة كان
ـــــــــــــــ
( 1 ) كلام المزي واضح أن الحديث لا يعرف إلا من وجه واحد ، أي صحيح ، لأنه مع
كونه روى من غير طريقه - كما بين المصنف - فلا يثبت منها شئ ، وذلك لنكارتها ،
فصار الاعتماد على هذا الطريق الواحد . والله أعلم .

الصفحة 137