كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية

بالمناهي).
وهذه صورة من رسالته: نقل قطع بعضهم بأنهم مكلفون بالمناهي
والصواب كما في جميع النُّسَخ (¬1): (نَعَم، قطع بعضهم بأنهم مُكَلَّفون بِالمناهِي).
وهذه صُوَر من المخطوطات:
نُسخة (ص):
نُسخة (ش):
نُسخة (ت):
نُسخة (ض):
المثال الثاني:
جاء في رسالة الباحث الأول (ص 918): (يقول باستثناء العلم للقرينة لا لمجرد الإخبار).
وهذه صورة من رسالته: يقول باستثناء العلم للقرينة لا لمجرد الإخبار
والصواب كما في جميع النُّسَخ: (يقول باستناد العِلم للقرينة، لا لمجرد الإخبار).
وهذه صُوَر من المخطوطات:
نُسخة (ص):
نُسخة (ش):
نُسخة (ت):
¬__________
(¬1) أقصد جميع النُّسخ التي اعتمد عليها الدكتور الفاضل في تحقيقه، وهي: ص، ض، ت، ش.
ومنها: إسلامه فيه قولان، المرجَّح المنع. وكان شيخنا شيخ الإسلام البلقيني يرجح الصحة، وقال العلائي: أخبرني من أثق به أن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة حكم به.
ومنها: ذبحه وصيده حلال على الأصح [إنْ] (¬1) عمده عمد.
ومنها: وجوب رد السلام عليه.
ومنها: أن قيامه بصلاة الجنازة يُسقط فرض الكفاية عن غيره.
ومنها: في أمانه طريقان، المشهور: لا يصح. وقيل: فيه الخلاف في تدبيره ووصيته.
ومنها: تدبيره، فيه قولان، الأصح: المنع.
وغير ذلك.
وفي الفقه في الكافر أيضًا مسائل اختلف في قبول قول الكافر فيها، والمراد غيْر المكَفَّر ببدعته، فإن ذلك سيأتي بيانه.
منها: قال الشافعي رحمه الله في (باب صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه): (إنه إذا أعلمهم أنه غير مسلم أو علموه من غيره، أعادوا كل صلاة صلوا خَلْفه) (¬2). انتهى
قال الشيخ تقي الدين السبكي: ولولا هذا النَّص لكان يظهر أن لا يقبل إلا إنْ أَسلم وأخبر بذلك.
ومنها: لو أخبر كافرٌ الشفيعَ بالبيع ووقع في قَلْبه صِدقُه، لا يكون عذرًا في تأخيره. قاله الماوردي، وأطلق الأصحاب أن إخبار الكافر يكون عذرًا للشفيع، فإما أن يكون قد خالفهم، وإما أنْ يُحمل كلامهم على أنه لم يقع في قلبه صِدقُه.
¬__________
(¬1) عند هذا الموضع كتب ناسخ (ق) في الهامش: (ع: قلنا). كأنه يتوقع العبارة هكذا: إنْ قلنا.
(¬2) الأم (1/ 190).
الشافعي.
قال: (ويحتمل قول مَن جعل ما عدا الإثبات في "إنما" موقوفًا أن يجعل ما عدا النفي هنا موقوفًا) (¬1). انتهى
وظاهره أن الدلالة على النفي بطريق التضمن اللفظي وأن الإثبات هو محل الخلاف: هل هو بالمنطوق؟ أو بالمفهوم؟
وسيأتي في المخصصات -في جريان الخلاف في أن الاستثناء من النفي إثبات وعكسه- فروع لم يجعل فيها الاستثناء من النفي إثباتًا؛ لمدارك فقهية، لكن في نحو: (ما زيد إلا قائم) نسبةُ ثبوت القيام لزيد نُطق قطعًا، وإنما النظر في نفي القيام عن غيره: هل هو بالنطق؛ أو بالفهم؛ والظاهر أن الحال مختلف بحسب التراكيب، ولهذا قال إلْكِيَا: المفهوم يجرى في النفي كالإثبات، فلا فرق بين قولنا: "القطع في رُبع دينار" وقولنا: "لا قطع إلا في ربع دينار".
قال: ومِن العلماء مَن قال: إذا قال: "لا قطع إلا في ربع دينار"، كان نَصًّا في القطع بالربع، مفهومًا فيما فوقه ودُونه.
فأفاد أن محل النزاع في التراكيب موضع النفي، وأنه يختار عدم الدلالة فيه، فيكون فيه الآراء الثلاثة: هل هو بالنُّطق؟ أو بالفهم؟ أو لا يدل أصلًا؟ كما هي آراء في "إنما" كما سيأتي. وقد سبق إشارة الماوردي إلى ذلك.

الثاني: الحصر بـ "إنما":
والجمهور على إفادتها الحصر، وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه. وبه قال الشيخ ابو اسحاق والغزالي وإلْكِيا والإمام الرازي وأتباعه وغيرهم كما نقله عنهم ابن
¬__________
(¬1) الحاوي الكبير (16/ 68).
بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} جعل طريق بِره ذلك، ولو كان الاستثناء المتراخي يُحصِّل البِر، لَمَا جعل الله الوسيلة في البر ذلك.
وفي "تاريخ بغداد" لابن النجار في أثناء "حرف الشين المعجمة" أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أراد الخروج مرة من بغداد فاجتاز في بعض الطرق، وإذا برجُل على رأسه سلة فيها بَقل وهو يقول لآخَر: مذهب ابن عباس في تراخي الاستثناء غير صحيح، ولو صح لَمَا قال الله تعالى لأيوب عليه السلام: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}، بل كان يقول له: استثنِ، ولا حاجة إلى التوسل للبر بذلك. فقال أبو إسحاق: بلدة يَرُد فيها رجُل يحمل البَقل على ابن عباس لا تستحق أن يُخرج منها.
قال ابن الحاجب: (ولو صح تراخي الاستثناء لبطل جميع الإقرارات والطلاق والعتق، وأيضًا فيؤدي إلى أنه لا يُعلم صِدق ولا كذب) (¬1).
لأنَّ مَن قال: (قَدم الحاج)، يحتمل أنه يريد أن يستثني بعد ذلك بعضهم. والأدلة في المسألة كثيرة.
وأما النَقْل عن ابن عباس فيُحمل على محامل سبق بعضها، ومنها ما قاله القرافي: (إنه إنما قال ذلك في التعليق على مشيئة الله عز وجل بأنْ يقول: "إن شاء الله"، لا الاستثناء بِـ "إلا" أو إحدى أخواتها).
قال: (ونقَل العلماء أن مدْركه في ذلك: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 23 - 24]، المعنى: إذا نسيت أن تقول: "إن شاء الله"، فقُلْه إذا تذكرت أنك لم تَقُل). انتهى
لكن في "مستدرك الحاكم" بسنده عنه أنه قال: "إذا حلف الرجل على يمين، فَلَه أن
¬__________
(¬1) مختصر المنتهى (2/ 804).
الأحكام، فيكون ذلك مرشدًا إلى اعتباره في هذا الحكم.
قال: (وفي إثباته بـ "تخريج المناط" - أيِ [المناسب] (¬1) - نَظَر) (¬2).
قيل: والحقُّ أنه لا يثبت؛ لأنَّ المناسب قسيم الشَّبه، فكيف يثبت به؟ !
قلت: إنْ كان المراد - وهو الظاهر- بِـ "دلالة مسالك العلة" أنْ يدل على اعتبار ذلك الوصف في بعض الأحكام لا في ذلك الحكم كما قررناه، فالكل في ذلك سواء.
ويظهر أن هذا إنما هو على تفسير الشَّبه بأنه الذي اعتُبر جنسه القريب في جنس الحكم كما سبق بيانه.
وأما السابع مِن مسالك العلة:
فهو "الدوران"، وسَّماه الآمدي وابن الحاجب "الطرد والعكس"؛ لكونه بمعناه كما ستعرفه.
وهو: أنْ يوجَد الحكم - أيْ تَعَلُّقه - عند وجود وَصْف، وينعدم عند عدمه. ويُسمَّى ذلك الوصف حينئذٍ "مدارًا" والحكم "دائرًا".
ثم إنَّ الدوران إما في محل واحد: كالإسكار في العصير، فإنَّ العصير قبل أنْ يوجد كان حلالًا، فلَّما حدث الإسكار حرم، فلمَّا زال الإسكار وصار خلًّا، صار حلالًا.
وإما في محلَّين: كالطعم مع تحريم الربا، فإنه لما وجد الطعم في التفاح، كان رِبَوِيًّا، ولَمَّا لَمْ يوجد في الحرير -مثلًا- لم يكن ربويًّا.
وإنما قلنا: (عند وجود وصف) ولم نَقُل: (بوجود)؛ لأنَّ الإمام فخر الدين في "الرسالة
¬__________
(¬1) في (ص، ق): لا لمناسب.
(¬2) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل (2/ 1103).

الصفحة 62