كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية

كَسْر الوزن، فالصواب (كما في جميع المخطوطات) أنها همزة وصل، فيُكتب البيت هكذا:
37 - يُسْمَى "اعْتِقَادًا فَاسِدًا" وَ"جَهْلَا ... مُرَكَّبًا"، أمَّا "الْبَسِيطُ" نَقْلَا
المثال الرابع:
جاء في رسالة الباحث الأول (ص 1027):
ومن وعى في نقص فأدى ... بعد الكمال فاقبل المؤدى
قلتُ (عبد الله): وقع خطأ في كلمة "نقص"، مما أَدَّى إلى كَسْر الوزن، فالصواب (كما في جميع المخطوطات) هكذا:
286 - وَمَنْ وَعَى في نَقْصِهِ فَأَدَّى ... بَعْدَ الْكَمَالِ فَاقْبَلِ الْمُؤَدَّى
وهذه صُوَر من المخطوطات:
نُسخة (ص):
نُسخة (ض):
نُسخة (ش):
نُسخة (ت):
المثال الخامس:
جاء في رسالة الباحث الأولى (ص 1105):
لأجل ذلك خصت الشهادة ... شرطها المشهور بالزيادة
قلتُ (عبد الله): وقع خطأ في كلمة "شرطها"، مما أَدَّى إلى كَسْر الوزن، فالصواب (كما في جميع المخطوطات) هكذا:
304 - لِأَجْلِ ذَاكَ خُصَّتِ الشَّهَادَهْ ... بِشرْطِهَا الْمَشْهُورِ بِالزِّيَادَهْ
وفي النَّظم من ذلك:
- " القتل"، وقيدتُه بلفظ: (الأذَى)؛ احترازًا من القتل بحق، فإنه ليس على وجْه الأذى، ويُفهم منه أيضًا أنه يكون عمدًا، لا خطأ ولا شِبه عمد. وحذفتُ حرف العطف مما بعده؛ لاستقامة الوزن، ولأن المقصود سرد هذه الأنواع بعطف وغيره.
- و"الزنا"، ويقاس به "اللواط"؛ للحَدِّ فيهما، بل اللواط أفحش، ويلتحق به وطء الزوجة والأَمة في الموضع المكروه.
- وشرب الخمر، أي: وإن لم يُسكر، والسكِر مطلقًا في معناه، بل كل ما يزيل العقل لغير ضرورة.
- والسرقة والغصب؛ للتوعد والحد في السرقة، وللتوعد في الغصب واللعن في حديث: "لعن الله مَن غيَّر منار الأرض" (¬1). كما سبق رواه مسلم، وقيد العبادي وشريح الروياني بما يبلغ قيمته ربع دينار، كأنهم قاسوه على السرقة. أما سرقة الشيء التافه فصغيرة إلا إن كان المسروق منه مسكينًا لا غنى به عما أخذه، فتكون كبيرة. قاله الحليمي، لكنه من جهة الإيذاء، لا من جهة السرقة فقط، والغصب مثله أيضًا.
وأشرتُ بقولي: (وَمَا أَشْبَهَهَا) إلى باقي الكبائر، وسبق منها من كلام العلائي طائفة مما قال: (إنه في الأحاديث)، فنذكرها وغيرها.
فمنها: القذف، والنميمة، وشهادة الزور، واليمين الغموس، وقطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، ومال اليتيم، كما سبق في الأحاديث، وخيانة الكيل والوزن؛ لقوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]، وتقديم الصلاة على وقتها، وتأخيرها عنه، وعليه حمل حديث الترمذي: "مَن جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابًا من أبواب
¬__________
(¬1) صحيح مسلم (رقم: 1978).
أي: للعهد، كأنه قال: الخراج في مقابلة [نَيْل] (¬1) هذا بالضمان. ودَلَّ على هذا التقييد قيام الدليل مِن خارج أنَّ ضمان الغاصب والمقبوض عن سوم البائع والعقود الفاسدة الضمان فيها، ولا خراج للضامن.
أما إذا كان الخبر بمِرة (نحو: "زيد قائم") فالأصح: لا يفيد الحصر، كما في حديث: "الصيام جُنة" (¬2)، فإنه لا يمنع أنَّ غيره أيضًا جُنة؛ ولهذا جاء: "فَلْيتق النار ولو بِشقِّ تمرة" (¬3).
وقيل: يفيده. فقيل: [نُطْقًا] (¬4). وقيل: فَهْمًا.
إذا علِمتَ ذلك، ظهر لك أن إسقاطي في النَّظم لهذا النوع (وهو حصر المبتدأ في الخبر) لِمَا فيه من الغموض والاختلاف، والله أعلم.
ص:
474 - وَأَظْهَرُ الْأَقْسَامِ مَا بِـ "اسْتِثْنَا" ... فَمَا مِنَ الْمَنْطُوقِ قِيلَ وَهْنَا
475 - كَـ "غَايَةٍ"، وَبَعْدَ ذَاكَ "الشَّرْطُ" ... فَـ "صِفَةٌ [نَسِيئةٌ] (¬5) "ذَا ضَبْطُ
476 - فَغَيْرُ ذَا مِنْ صِفَةٍ إلَّا الْعَدَدْ ... فَـ "عَدَدٌ"، فَمَا بِتَقْدِيمٍ وَرَدْ
¬__________
(¬1) في (ت، البحر المحيط 3/ 138): مثل.
(¬2) صحيح البخاري (رقم: 1795)، صحيح مسلم (رقم: 1151).
(¬3) صحيح البخاري (رقم: 1347)، صحيح مسلم (رقم: 1016) بلفظ: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
(¬4) كذا في (ز). لكن في سائر النُّسخ: قطعا.
(¬5) كذا في (ص، ت، ق، ن 5)، وهو الصواب، والمعنى: صفة مُنَاسِبَة (القاموس المحيط، ص 176). لكن في (ز، ظ، ن 1، ن 2، ن 3، ن 4): نسبيَّة.
يكون استواء المستثنى والباقي بعد الاستثناء موجودًا في التركيب معلومًا.
وفي تعبيري عن المسألة بذلك وضوح أكثر من عبارة مَن قال: (يستثنى الأكثر مِن الأقل ويستثنى المساوي)؛ لأنه ربما يوهِم أن المستثنى أكثر من المستثنى منه قبل دخول الاستثناء أو مساوٍ له، وذلك إنما هو المستغرق. فعبَّرت بقولي: (أَكْثَرَ مِنْ بَاقٍ) إلى آخِره؛ لرفع هذا التوهم. والله أعلم.
ص:
630 - وَهْوَ مِنَ الْإثْبَاتِ نَفْيٌ، وَكَذَا ... في عَكْسِهِ، فَإنْ تَعَدَّدْ، فَبِذَا
631 - يُحْكَمُ في الْكُلِّ عَلَى مَا نُظِمَا ... مَا لَمْ يَكُنْ عَطْفٌ أَوِ [اسْتَغْرَقَ] (¬1) مَا
632 - يَلِي، [فَكُلٌّ] (¬2) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ ... وَوَارِدٌ مِنْ بَعْدِ سَبْقِ جُمَلِ
الشرح:
لمَّا كان الاستثناء من جملة المخصِّصات المتصلة وكان التخصيص هو الإخراج من اللفظ العام، احتمل ذلك أمرين:
أحدهما: أن يكون إخراجًا من الحكم على العام مع الحكم بضده، وأن يكون لا مع الحكم بضده، فيكون واسطة بين الحكم بشيء والحكم بضده وهو أنْ لا حُكم عليه أصلًا. فعبَّروا عن هذه المسألة بأن: (الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي).
ثانيهما: أنه إخراج من النفي بلا إثبات فيه، وإخراج من الإثبات بلا حُكم [يُنفَى] (¬3) فيه
¬__________
(¬1) كذا في (ص، س، ش، ن 1، ن 2، ت). لكن في (ض، ق، ن 3، ن 4، ن 5): استغراق.
(¬2) كذا في (ص، ق، ن). لكن في (س، ش، ت): وكل. وفي (ض): والكل.
(¬3) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): بنفي.
ومثال المظنون: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أعتق شركًا له في عَبْد قُوم عليه" (¬1). فالأَمة كذلك بلا فارِق. وإنما لم يُجعل ذلك مِن المقطوع كالذي قَبله خلافًا لمن تَخيل ذلك؛ لأنَّ الاحتمال فيه قائم، كأنْ يلاحِظ الشرع في عِتق العبد أنْ يستقل بنفسه في الجهاد والجمعة وغيرهما مما لا مدْخَل فيه للمرأة. لكن الظن القوي فيه أنْ لا فَرْق؛ لأنَّ المقصود التخلص مِن موت الرق بحياة الحرية.
والفرق بين هذا وبين "تنقيح المناط" أنَّ هذا لم يعتضد بظاهر في التعليل بمجموع أوصاف، و"تنقيح المناط" فيه ذلك.
نعم، قد يكون السبر الدال على نَفْي الفارق قاطعًا، والفارق المحقَّق طَرْدًا مَحْضًا؛ فَيَبْلُغ نَفْي الفارق رُتبة المؤثِّر بدليل قاطع، ويترقى عن المؤثِّر بدليل ظاهر كما سبق.
واعلم أنه قد سبق في "تنقيح المناط" بحث يتعلق بما ذُكر هنا، فلا حاجة إلى إعادته.
وقولي: (وَذَا و"طَرْدٌ") إلى آخِره - أي: إنَّ هذه الطُّرق الثلاث من مسالك العلة (التي هي: طريق الإلغاء، وطريق الطرد، وطريق الدوران) حيث قيل: (إنها تفيد العِلية) فإنما تفيد شبهًا للعلة، لا [عِلَّة حقيقية] (¬2)؛ لِكَونها إنما غَلَّبْت ظن العِلية في الجملة، وليس فيها تعيين حِكمة لذلك كالوصف ولا جهة المصلحة فيه، بخلاف بقية المسالك. والله أعلم.
¬__________
(¬1) سبق تخريجه.
(¬2) كذا في (ص، ش)، لكن في (س، ت): عِلية حقيقة. وفي (ض): علية حقيقة. وفي (ق): علة حقيقة.

الصفحة 74