البرماوي، نقل الْبرمَاوِيُّ عَنهُ، اخْتَارَ هَذَا الْبرمَاوِيُّ، فَجعل الْبرمَاوِيُّ الْمَسْأَلتَيْنِ وَاحِدَة، كَلَام الْبرمَاوِيّ وَغَيره يَقْتَضِي أَنه محَل وفَاق، بَنَى الْبرمَاوِيُّ وَغَيره الْمَسْألَة على .. ، قَطَع بذلك الْبرمَاوِيُّ، حَكَاهُ الْبرمَاوِيُّ عَن أَكثر الحنَفِيَّة، ترْجم الْبرمَاوِيُّ الْمَسْأَلَة بِأَن .. ، تكلم على ذَلِك الْبرمَاوِيُّ وَأطَال، الْبرمَاوِيُّ صحَّح مَا قَالَه ابْن الْعِرَاقِيّ وَغَيره، ذكر هَذِه الْأَقْوَال الْبرمَاوِيُّ، عَلَّلَ ذَلِك الْبرمَاوِيُّ، رَدَّه الْبرمَاوِيُّ فقال .. ، ذكر الْبرمَاوِيّ أَحْكَام النِّيَّة واستقصاها فأجاد وَأفَاد).
2 - شهاب الدين القسطلاني (851 - 923 هـ): اهتم في كتابه "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" بنقل أقوال شمس الدين البرماوي وتقريراته وتَعَقُّباته، فجاء ذِكْره في ثلاثمائة موضع تقريبًا، وإليكم بعض عباراته:
(قال البرماوي في شرح ألفيته، حكاه البرماوي، نقله عنه البرماوي، لكن تَعَقَّبَه البرماوي، قال البرماوي في شرح العمدة، كذا قرره الحافظ ابن حجر والبرماوي، قَرَّرَه البرماوي، كذا ضبطها البرماوي، نَبَّه عليه البرماوي، كذا قدَّره البرماوي، جَوَّز البرماوي، قَوَّى البرماوي، أجاب البرماوي بأن .. ، وَجَّهَه البرماوي، أشار البرماوي، صرّح به البرماوي، قال البرماوي: فيه نظر، صَوَّب البرماوي الأُولى، زاد البرماوي).
3 - زين الدين زكريا الأنصاري (824 - 926 هـ): على الرغم مِن صِغَر كتابه "غاية الوصول في شرح لب الأصول" إلَّا أنه ذكر البرماوي في أكثر مِن (20) عشرين موضعًا، وإليكم بعض عباراته:
(قرره شيخُنا العلَّامة الجلال المحلي بما لا مزيد عليه واستبعده أيضًا شيخُه العلَّامة الشمس البرماوي، أفردتهما تبعًا للعلَّامة البرماوي، قال البرماوي، استظهره
اعتقاد الأُمة، أو أن العادة تحيل تواطؤهم على اعتقادٍ باطلٍ أعلى ما سبق من المدركين فيه] (¬1).
نعم، قال الأستاذ أبو منصور وكذا القاضي وإمام الحرمين وابن السمعاني والإمام والمازري: إنَّ التقييد بالحس لا معنى له، وإنما المدار على العِلم الضروري، ليدخل ما استند فيه عِلم المخبِرين إلى قرائن الأحوال، كإخبارهم عن الخجل الذي علموه بالضرورة من قرائن الحال، فالحس وإنْ وُجد لكن لم يُكْتَفَ به؛ لأنَّ الحمرة إنما تُدرك بالحسِّ ذاتها، وحمرة الخجل كحمرة الغضب، وإنما يُفَرق بينهما بأمر يدقُّ عن ضبط [العبارة] (¬2).
وأجيب عن ذلك بأنَّ القرائن تَعُود للحس؛ لأنها إما حالية أو مقالية.
تنبيه:
تسمية هذا النوع "متواترًا" اصطلاح للفقهاء والأصوليين وبعض المحدِّثين، فقد قال ابن الصلاح: (إنَّ أهل الحديث لا يذكرونه بِاسْمه الخاص، وإنْ كان الخطيب ذكره، وفي كلامه ما يُشعر بأنه اتَّبع فيه أهل (¬3) الحديث) (¬4).
ثم قال: (وكأنَّ ذلك لندْرته عندهم حتى لا يكاد يوجد) إلى آخِره.
واعتُرض عليه بأنَّ الحاكم وابن عبد البر وابن حزم وغيرهم ذكروه.
¬__________
(¬1) ليس في (ز).
(¬2) في (ز، ش): العبارة. وفي سائر النُّسخ: العادة.
(¬3) لفظ ابن الصلاح في كتابه (معرفة أنواع الحديث، ص 267): (وَأَهْلُ الحْدِيثِ لَا يَذْكُرُونَهُ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ الْمُشْعِرِ بِمَعْنَاهُ الْخَاصِّ، وَإنْ كَانَ الْحَافِظُ الْخطيِب قَدْ ذَكَرَهُ، فَفِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اتَّبَعَ فِيهِ غَيْرَ أَهْلِ الحدِيثِ).
(¬4) معرفة أنواع علوم الحديث - مقدمة ابن الصلاح (ص 267). تحقيق: نور الدين عتر.
تنبيهات
الأول: قد يطلق "المحكم" على ما أُحكم على وجهٍ لا تفاوُت فيه، فالقرآن كله بهذا المعنى "محكم"؛ ولهذا قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 1].
ويطلق "المتشابه" بمعنى أنَّه متماثل في الدلالة والإعجاز، فالقرآن كله "متشابه" بهذا المعنى؛ ولهذا قال تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: 23].
الثاني: فائدة ذِكر "المحكم" و"المتشابه" في هذا التقسيم بيان القِسم الذي يجب الإيمان به ولا يتعرض للكشف عنه - على طريقة القائلين بأنَّ الله تعالى يستأثر بعلمه، وأما على الطريقة الأخرى فالسعي في تحقيق معناه بأن يتهيأ العالِم باستعداده حتَّى يكون من الراسخين ويبحث عن المعنى بالدليل.
وقيل: بل الخُلْف في المسألة لفظي، فإنَّ مَن قال: (إن الراسخ في العِلم يَعلم تأويله) أراد به أنَّه يَعلم ظاهره، لا حقيقته. ومَن قال: (لا يَعلم) أراد أنَّه لا يَعلم حقيقته وإنما ذلك إلى الله، والحكمة في إنزال "المتشابه" ابتلاء العقلاء.
وقال [ابن] (¬1) إسحاق: إن الكلام تَمَّ عند قوله تعالى: {إِلَّا اللهُ}، ومعنى ما بعده أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، ويستدلون على الخفي بالجلي، لا أنهم لا يعلمونه أصلًا. وأما عِلم الله تعالى فهو بالعلم القديم الذي لا يتوقف على شيء، وعِلم غيره متوقِّف على التذكر والتدبر.
وهذا في الحقيقة قول متوسط بين القولين السابقين، واختاره السهيلي.
¬__________
(¬1) كذا في (ز، ت). لكن في سائر النسخ: أَبو.
بل صرح إلكيا الطبري بذلك.
قال السبكي في "شرح البيضاوي" بعد حكاية مذهب القفال: (وما أظن القائل بهذا الرأي يقول به في كلِّ تخصيص، ولا يخالف في صحة استثناء الأكثر إلى الواحد، بل الظاهر أن قوله مقصور على ما عدا الاستثناء من المخصصات؛ بدليل احتجاج بعض أصحابنا عليه بقول القائل: عليَّ عشرة إلا تسعة. ويحتمل أن يعم الخلاف، إلا أن الظاهر خِلافه؛ لأن المنقول عنه المخالفة هنا لم تُنقل عنه ثَمَّ) (¬1). انتهى
قلتُ: على أن هذا التفصيل وإنْ كان هو الراجح المفهوم من كلام جمهور أصحابنا لكنه مُفرَّع على أن الجمع العام آحاده جموع، لا وحدان. فأما إذا قُلنا: الآحاد وحدان، فهو حينئذٍ كَـ "مَن" و "ما" ونحوهما بلا فرق.
نعم، سبق اضطراب الترجيح في تلك المسألة، فاعْلَمه.
المذهب الثاني: أنه يجوز التخصيص إلى أن يبقى واحد مطلقًا، سواء أكانت الصيغة جمعًا أَم لا. وهو قول الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
وحكاه إمام الحرمين في "التلخيص" عن معظم أصحاب الشافعي، قال: وهو الذي اختاره. ونقله أيضًا عن معظمهم ابن الصباغ، ونقله ابن السمعاني عن سائر أصحابنا خلا القفال، وحكاه الشيخ أبو إسحاق عن إجماع أئمتنا، وصححه القاضي أبو الطيب، ونسبه القاضي عبد الوهاب للجمهور.
مِثاله قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173] والقائل لذلك هو نعيم بن مسعود الأشجعي كما ذكره الآمدي وابن الحاجب وغيرهما تبعًا لكثير من المفسرين، لكن الذي ذكره الشافعي في "الرسالة" أنهم
¬__________
(¬1) الإبهاج (2/ 125).
أقوى.
قيل: وينبغي قَصْره على الصحابي أو مَن بَعْده إذا كان عالِمًا بمدلولات الألفاظ.
وهو ظاهر، ولهذا عطفته بـ "ثُمَّ" في قولي: (ثُمَّ غَيرٍ). أي: غير الفقيه.
فإنْ قيل: إذا قال الراوي: (هذا منسوخ) أو حمل حديثًا -رواه- على غَيْر ظاهره، لا يُعْمَل به؛ لجواز أن يكون ذلك عن اجتهاد، فكيف إذا قال الراوي: "سها، فسجد" ونحوه يُعمل به مع احتمال أن يكون عن اجتهاد؟
فالجواب: أن هذا مِن قبيل فَهْم الألفاظ مِن حيث اللغة، لا أنه يرجع للاجتهاد. بخلاف قوله: (هذا منسوخ) ونحو ذلك؛ ولهذا إذا قال: (أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكذا) أو: (نهي عن كذا) يُعمل به؛ حملًا على الرفْع، لا على الاجتهاد.
ومَن منع في هذا إنما قال: إنه يحتمل الخصوصية، فعمم. أو عدم الدوام، فحمله على الدوام. وقد سبق ذلك في بابه.
واعلم أن ابن الحاجب جعل هذا من الصريح، لا من الظاهر. والأجود ما جرى عليه البيضاوي أنَّ هذا من الظاهر؛ لأنَّ لها معاني غير ذلك كما بيناه، فإنَّ "الفاء" أيضًا تكون بمعنى "الواو" وغير ذلك.
نعم، يقوى كلام ابن الحاجب إذا كان في الكلام صريح شرط أو معنى شرط، كالنكرة الموصوفة والاسم الموصول، فإنه لا يمكن حمل "الفاء" فيهما على معنى "الواو" العاطفة؛ إذِ العطف لا يحسُن قبل تمام الجملة. ولهذا لا ينبغي أن يمثل بنحو: "مَن أحيا أرضًا ميتة فهي له" (¬1). وكذا نحو: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}؛ لما فيه من معنى الشرط.
¬__________
(¬1) سبق تخريجه.