وهذه صُوَر من المخطوطات:
نُسخة (ص):
نُسخة (ت):
المثال الثاني:
جاء في رسالة الباحثة (الشطر الأول من البيت: 280):
(وهكذا [زاد] ولو في ديني).
وهذه صورة من رسالتها:
والصواب كما في تحقيقي: (وَهَكَذَا رَاوٍ وَلَوْ في دِينِي).
وهذه صُوَر من المخطوطات:
نسخة (ص):
نسخة (ت):
المثال الثالث:
جاء في رسالة الباحثة (البيت: 273):
واختار جمع ما رآه البغوي ... من أنه [وقرأ] عشر منحوى
وهذه صورة من رسالتها:
والصواب كما في تحقيقي:
وَاخْتَارَ جَمْعٌ مَا رَآهُ الْبَغَوِي ... مِنْ أَنَّهُ وَرَاءَ عَشْرٍ مُنْحَوِى
وهذه صُوَر من المخطوطتين اللتين اعتمدت عليهما الباحثة:
نسخة (ت):
وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام": (إنَّ الخلاف في غير الداعية، وإنَّ الداعية ساقط إجماعًا) (¬1).
وردَّه عليه ابن دقيق العيد، لكن لم يُعَيّنه، بل نقَله عن بعض متأخري أهل الحديث.
السادس: ما قال ابن دقيق العيد: (إنه المختار): أنَّ الداعية إما أن يروي ما ينفرد به عن غيره فيُقبَل؛ للضرورة، وإما أن يروي ما يرويه غيره فلا يُقبل.
وهو تفصيل غريب.
تنبيهان
أحدهما: أنَّ مما قلنا: (إنه أرجح المذاهب) هو المنقول عن نَص الشافعي كما نقله الخطيب عنه أنه قال: (أقْبَل أهل الأهواء إلا الخطابية [من] (¬2) الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم) (¬3).
قال: (ويُحكى أيضًا عن ابن أبي ليلى والثوري وأبي يوسف القاضي) (¬4).
وقال أبو نصر بن القشيري: إلى هذا ميل الشافعي.
¬__________
= المحيط، 3/ 331): (وَفِي الصَّحِيحَيْنِ كَثِير مِنْ أَحَادِيثِ المُبْتَدِعَةِ غَيْرِ الدُّعَاةِ احْتِجَاجًا وَاسْتِشْهَادًا، كَعمْرَانَ بْنِ حطان، وَدَاوُد بْنِ الحُصَيْنِ، وَغَيِرهِمَا).
(¬1) بيان الوهم والإيهام (3/ 163).
(¬2) في (ز، ق): و.
(¬3) الكفاية في علم الرواية (ص 120).
(¬4) المرجع السابق.
فإن وجوب الزكاة [نشأ مِن] (¬1) نَفْس قوله: "أوجبتُ" أو نحوه. فإذا انتفى هذا القول فيه، فقد انتفى وجوب الزكاة فيه، ولا يَلزم من الانتفاء في قولك: (في الشام الغنم السائمة) انتفاء كونها في غير الشام، بل قد تكون وأنت لم تخبر عنها لكنه وإن كان صحيحًا فقد لا يكون له غرض في الإخبار عنه.
فلهذا قال ابن السمعاني: (إن المخبِر قد يكون له غرض في الإخبار بأن في الشام غنمًا سائمة ولا يكون له غرض في الإخبار عن غير الشام. وأما الشارع في مقام الإنشاء فغرضه أن يبين جميع الأحكام التي كلفنا بها، فإذا قال: "زكوا عن الغنم السائمة"، عَلِمنا أنها لو كانت الزكاة في جميع الغنم لَعَلَّق بِمُطْلَق الاسم) (¬2).
الثاني:
إن المفاهيم إنما يُعمل بها في كلام الشارع؛ لِعِلمه بواطن الأمور وظواهرها، دون كلام الناس كألفاظ الواقفين والموصين والمقِرين والمصنفين في ذلك؛ لِغَلبة الذهول على الناس، فيكون كالقياس لا يُعمل به في أمور الناس كما قرره الشيخ تقي الدين السبكي، وهو ظاهر المذهب.
فنقل الرافعي عن فتاوى القاضي حسين -وأقره- أنه لو ادُّعِي عليه بعين مال مثلًا فقال: (لا يلزمني تسليم هذا إليك اليوم)، لا نجعله مُقِرًّا.
قال: (لأن الإقرار لا يثبُت بالمفهوم) (¬3).
قيل: وله التفات إلى ما سبق من كون العمل بالمفهوم من جهة الشرع أو اللغة. فإنْ قُلنا
¬__________
(¬1) في (ق): هو.
(¬2) انظر: قواطع الأدلة (1/ 248).
(¬3) العزيز شرخ الوجيز (13/ 289).
الإباحة، وما زاد يحتاج لدليل؛ فلذلك استشكل الاستدلال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحد المرأة إلا على زوج" (¬1) الحديث - على الوجوب حتى احتاج لأمر آخَر يدل على الوجوب، كما بُيِّن في محله، وأوضحنا ذلك في "شرح العمدة".
ولم يتعرض الأصوليون لهذه المسألة صريحًا، لكنها تخرج من عموم قاعدة "الاستثناء مِن النفي إثبات" على ما قررناه.
قولي: (فَإنْ تَعَدَّدْ، فَبِذَا يُحْكَمُ في الْكُلِّ) المراد به أن هذه القاعدة [إذا تمهدت] (¬2) في الأمرين (وهُما الاستثناء من النفي ومن الإثبات)، ترتَّب عليها تَعدُّد الاستثناء، نحو: (له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة) وهكذا.
لكن للمسألة أحوال:
الأولى: ما ذكرناه من المثال ونحوه مما ليس فيه عطف استثناء على استثناء، ولا كون أحدهما مستغرقًا لما قبله. ويمكن أن كُلًّا مُخْرَج مما قَبْله، فهذا كل استثناء يُرْجَع فيه لِمَا قَبْله.
فإنْ كان الذي قبله مثبتًا، كان منفيًّا، أو منفيًّا، كان مثبتًا.
فالعشرة إثبات، والتسعة نفي؛ فيبقى واحد. والثمانية إثبات، تصير مع الواحد تسعة، والسبعة نفي؛ يبقى المقَرُّ به اثنان.
ولاستخراج الحكم من ذلك طُرُق للنحاة وغيرهم:
إحداها: ما أشرنا إليه مِن طريقة الإخراج وجبر الباقي بالاستثناء الثاني، وهكذا إلى
¬__________
(¬1) مسند أحمد (20813)، سنن أبي داود (رقم: 2302) وغيرهما بلفظ: (لَا تحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلا على زَوْجٍ). قال الألباني: صحيح. (صحيح أبي داود: 2302).
(¬2) كذا في (ص، ق)، لكن في (ت، س، ض): إذ المذهب. وفي (ش): إذ المهذب.
وجودها، لَمْ يُمَكَّن مِن ذلك عند الأكثر؛ لأنه انتقال.
وثانيها: يُمَكَّن؛ لأنَّ فيه تحقيق اعتراضه بالنقض، فهو مِن تمامه.
وثالثها وبه قال الآمدي: يُمَكَّن ما لم يكن للمعترِض دليل أَوْلى بالقدح مِن النقض. فإنْ أمكنه القدح بطريق آخَر هو أَفْضَى إلى المقصود فلا.
ورابعها حكاه ابن الحاجب: يمكَّن ما لم يكن حُكمًا شرعيًّا. وحكاه أيضًا البروي تلميذ محمد بن يحيى في كتاب "المقترح" ولم يَحْكِ غيره.
ومَثَّله بما لو علل الحنفي وجوب المضمضة في الغسل بأنه عضو يجب غسله عن الخبث؛ فيجب في الجنابة. فإذَا نُقِضَ بالعَيْن، فله المنع في أنَّ العَيْن يجب غسلها عن الخبث، فليس للمعترِض أنْ يثبت عِلية وجوب غسل العَيْن مِن الخبث؛ فإنه وَضْع للكلام في مسألة أخرى والاستدلال عليها مِن الابتداء.
أما إذا كان المعلَّل به وصفًا حقيقيًّا، فله ذلك، كما لو عَلل الحنفي مسألة الأجرة بأنه عقد على منفعة؛ فلا يملك عوضه بنفس العقد، كالمضاربة. فإذا نُقِض بالنكاح [فمنعَ] (¬1) ورود النكاح على المنفعة، فله إثباته بالدليل. انتهى
وجرى عليه شارحه أبو العز جد ابن دقيق العيد لأمه، قال: لأنَّ الأمر الحقيقي يمكن الاستدلال عليه؛ لِقُرْبِه، والأحكام الشرعية إذا كانت مختلفة فهي في مظنة تَشَعُّب الظنون. والوصف الحقيقي يكون في الغالب مِن جهة عدم تَصَوُّر حقيقته، فلو دل المستدِل على وجود العلة في محل التعليل بدليل موجود في محل النقض ثم منع بعد ذلك وجودها في صورة النقض فقال المعترِض: ينقض دليلك على العلة، لم يُسْمع منه عند الجدليين؛ لأنه انتقال مِن نقض العلة نفسها إلى نقض دليلها.
¬__________
(¬1) كذا في (س، ت)، لكن في (ق، ش): بمنع.